خلف قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ومحيطه بتنحية رئيس دائرة الاستعلامات والأمن الجنرال محمد مدين المعروف بـ “توفيق” موجة من التساؤلات حول الخلفية الحقيقية لتنحية الرجل بعد ربع قرن على رأس الجهاز، والتي رجح الكثيرون أن تكون بسبب الصراع القائم بينه والرئاسة على مدى سنوات طوال.
يعتقد بعض المؤيدين لنظام بوتفليقة أن قرار تنحية مدين “طبيعي وعادي” في ظل موجة التعديلات التي قام بها محيط الرئيس في الآونة الأخيرة، والتي تسير نحو إعادة بناء دولة مدنية، إلا أن معارضي النظام يؤكدون أن نتائج التغييرات الأخيرة تصب في مصلحة محيط بوتفليقة وليس العكس، حيث أن تقليص صلاحيات دائرة الاستعلامات والأمن وتنحية مديرها السابق، ساهم في تعزيز السلطة في يد الرئاسة.
يبدو أن مجمل التعديلات الأخيرة التي شهدتها الجزائر، والتي استهدفت بالأساس أسماء وازنة في البلاد، فتحت أمام محيط بوتفليقة ثلاث خيارات محتملة لتقرير مصير البلاد في السنوات القادمة.
وحسب بعض المراقبين للشأن المحلي، فإن المسار الأول سيحتم على محيط الرئاسة المضي قدما في مسلسل التعديلات التي استهلها منذ فترة، والتي شملت ولاة الجمهورية والجهاز العسكري والأمني، حيث أطاح بعدد من رجالات الدولة كان آخرهم رئيس دائرة الاستعلامات والأمن محمد مدين.
ويؤكد المراقبون أن قرارات التنحية التي سنها محيط بوتفليقة يجب أن تسري على الجميع بما في ذلك رئيس أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، وباقي مسؤولي نظام بوتفليقة “المسنين”.
وإذا ما سار محيط الرئيس وفق هذا المنطق فسيكون على بوتفليقة التنحي هو الآخر عن منصبه، بحكم عجزه عن أداء مهامه بسبب مرضه، الشيء الذي يبقى مستبعدا في الفترة الحالية خاصة مع التصريحات التي يدلي بها رجالات الرئيس بخصوص إكمال بوتفليقة لولايته الرابعة.
السيناريو الثاني المحتمل أمام محيط الرئيس هو الجمود والتشبت بكرسي الرئاسة، خاصة بعد التخلص من سلطة الاستخبارات العسكرية المتمثلة في “الجنرال توفيق“، حيث أن نجاح محيط الرئيس بتقليص صلاحيات هذا الجهاز، مكنه من تعزيز سلطته وتقويتها، ما يعني أن بوتفليقة سيمضي في رئاسة البلاد إلى حين انتهاء ولايته الرابعة، وربما انتخابه لولاية خامسة وسادسة!!.
خيار سيمكن محيط بوتفليقة من توطيد جذوره في السلطة حتى بعد وفاة هذا الأخير، والتي ستشكل مناسبة من أجل إجراء انتخابات رئاسية نتائجها ستكون محسومة مسبقا لصالح أحد رجالات الرئاسة.
في هذه الحالة لن يتبقى أمام بوتفليقة ومحيطه سوى المسار الثالث الذي يفرض استغلال هذه الظرفية المهمة من تاريخ البلاد، من أجل قيادتها نحو المسار الصحيح عن طريق إعادة بناء دولة مدنية ديموقراطية تحتكم إلى صوت الشعب.
إقرأ المزيد:الرئاسة والمخابرات الجزائرية..علاقة موسومة بالصراع
قرار قد يكون صعبا أمام محيط الرئيس، لكنه وحسب بعض مراقبي الشأن الجزائري لن يتم إلا بإعادة الاعتبار للشعب الجزائري في تقرير مصيره عن طريق إجراء انتخابات نزيهة، والبدء في كتابة الدستور الذي يجب أن يراعي التوازنات بين السلط في البلاد.