تعيش الجزائر خلال الأيام بل والساعات الأخيرة، حالة من الترقب المشوب بكثير من الحذر، لما قد يعلن عنه من تغييرات ستطال العديد من المواقع داخل المؤسسة العسكرية، في سياق ترتيب الأمور داخل قصر المرادية، تحسبا لشغور منصب الرئيس قانونيا بعد أن صار معلوما للقاصي والداني شغوره فعليا منذ زمن بعيد.
“حرب الإشاعات” التي تعيشها الجزائر اغتنت بطريقة غير مسبوقة بوقائع “الانقلاب التركي”، كل كما يراها. حيث ازداد حديث مناهضي قيادة الجيش من سياسيي المعارضة، وأنصار الرئيس، والإعلاميين والنشطاء المقربين من فرنسا ومعسكرها داخل الجزائر وخارجها، بمن فيهم المرتبطون تقليديا بالفريق المخلوع محمد مدين (توفيق) عن تمهيد قيادة الجيش في شخص رئيس أركانه الفريق أحمد قايد صالح “للقفز” على السلطة وتنصيب الفريق صالح لنفسه رئيسا للجزائر. أما الفريق المقابل، والذي يساند التغييرات التي تجريها قيادة الجيش منذ أزيد من عام، بما فيها تفكيك “مملكة” الفريق توفيق، وما يعتبرونه خطوات لإنهاء النفوذ الفرنسي في الجزائر، مستشهدين بآخر قراراته منذ أيام بإزالة اللغة الفرنسية من واجهات مقرات مختلف إدارات الجيش واستبدالها بالانجليزية، فلا يفترون عن مطالبة الجيش عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأخذ العبرة من الانقلاب الذي حدث في تركيا، من أجل التعجيل في حسم الأمور داخل ما تبقى من جهاز المخابرات بشكل نهائي، عبر إقالة اللواء بشير طرطاق (عثمان)، وكذا ترتيب الأمور داخل النواحي العسكرية المختلفة لاسيما الناحية الأولى التي تقع الجزائر العاصمة داخل دائرة نفوذها، والتي يرأسها اللواء حبيب شنتوف منذ 2004، ناهيك عن العديد من المناصب الرفيعة التي تجاوزت قياداتها سن التقاعد منذ زمن بعيد، من قبيل قائد القوات البرية اللواء أحسن طافر، وقائد الناحية العسكرية الثانية اللواء سعيد باي، وقائد القوات الجوية اللواء عبد القادر لوناس، وغيرهم.
وفي هذا السياق تتحدث أنباء متواترة عن قرب استلام اللواء عبد الرزاق الشريف، قائد الناحية العسكرية الرابعة رئاسة الأركان خلفا للفريق أحمد قايد صالح، سواء أتم ذلك في سياق تفريغ صالح لجهود خلافة بوتفليقة شخصيا، أم تمهيدا لاستقالته بعد أن أنهى مهمة رئاسة حملات التطهير في المؤسسة الأمنية والعسكرية الجزائرية، أو لتعيينه في منصب وزير الدفاع خلفا للرئيس، واكتفاء بوتفليقة بمنصب شرفي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.
اقرأ أيضا: هل تسرّع محاولة اغتيال قيادة الجيش مسار الأحداث في الجزائر؟
هذه التغييرات وفي حال أعلنت خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة، ستطلق العنان لتسارع وتيرة التغيير في مجمل المشهد السياسي في الجزائر، وهو ما سيعنى إقدام مختلف الفرقاء على استخدام ما بأيديهم من “أوراق” محلية ودولية، بالاستعانة بعشرات وسائل الإعلام التي تغذيها أموال رجال أعمال يشتركون في استفادتهم من النظام القائم، لاسيما منذ مجيء بوتفليقة، الأمر الذي سيعني تشريع البلاد أمام فترات عصيبة، يتمنى الجميع أن لا تطول، ستفتح باب معركة “كسر العظم” بين طرفي الصراع، الأمر الذي يجعل الجزائر مرشحة لمراقبة لصيقة، انتظارا لما ستحمله الأخبار القادمة من هذا البلد العربي والإفريقي الهام، لما لذلك من انعكاس على مجمل الأوضاع في المنطقة المغاربية والوطن العربي.