يبدو جليا أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، المكلف من طرف الملك محمد السادس بتكوين الحكومة، سيظل في انتظار ما سوف تسفر عنه نتائج المؤتمر الاستثنائي لحزب التجمع الوطني للأحرار، بعد غد السبت في المركب الدولي للطفولة والشباب بوزنيقة، لاستئناف الجولة الجديدة من مفاوضاته مع الأحزاب الراغبة في الالتحاق بالفريق الحكومي المقبل.
لقد شهد الأسبوع الماضي وتيرة متسارعة في استقبال زعامات مكونات المشهد الحزبي في المغرب، بمقر حزب العدالة والتنمية، ماعدا حزب الأصالة والمعاصرة، باعتباره ” خطا أحمر”، وفيدرالية اليسار الديمقراطي، التي ترددت في تلبية الدعوة الموجهة إليها من طرف بنكيران، بدعوى أنها اختارت المعارضة، وستظل فيها.
في سرية تامة يسابق التجمعيون الزمن من أجل التحضير لهذه المحطة الجديدة في مسار حزبهم، الذي كان قد شهد النور في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، وتناوب على تسييره كل من أحمد عصمان، ومصطفى المنصوري، وصلاح الدين مزوار، الذي دقت ساعة تنحيه، بعد تقديمه لاستقالته، عقب نتائج تشريعيات 7 أكتوبر، التي جاءت مخيبة لأمال المنتسبين لحزب الحمامة، أولئك الذين كانوا يمنون النفس بما هو أفضل، ليفاوضوا على الدخول في الحكومة من موقع قوة.
وبغض النظر عن التساؤلات التي يمكن أن تطرح حول دوافع اختيار عزيز أخنوش، وزير الفلاحة، ليقود سفينة التجمع الوطني للأحرار، وهو الذي كان قد جمد عضويته، يوم التحاقه بالنسخة الأولى من الحكومة المنتهية ولايتها، فإن هناك من يرى أنه الأنسب لهذه المهمة، باعتباره رجل الاجماع، بدليل أن لاأحد من التجمعيين اعترض على عودته إلى الحزب، رئيسا وزعيما، بعد أن كان من قبل عضوا في مكتبه السياسي.
لكن انتخاب خنوش على رأس حزب التجمع الوطني للأحرار، لايعني تسهيل مهمة بنكيران، حسب توقعات بعض المتتبعين، فلربما تتغير بعض المعطيات الراهنة، وتقلب كل التوقعات لتصب في اتجاه آخر .
ومما يعقد الوضع أكثر هو عدم تصفية الأجواء بين حزبي الحمامة والمصباح، وكل واحد من الطرفين يحاول القاء اللائمة على الأخر، ويمكن في هذا السياق الاستشهاد بنموذجين فقط للدلالة على أن هناك مسافة مازالت تفصل بينهما من أجل إيجاد صيغة لتقريب وجهات النظر بينهما.
ــ النموذج الأول:التصريح الذي أدلى به سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني، لحزب العدالة والتنمية، مؤخرا، ومفاده أن “التفاوض مع التجمع الوطني للأحرار مشروط بتغيير القيادة الجديدة للحزب لمواقفها من العدالة والتنمية.
ــ النموذج الثاني: اشتراط الأحرار من جهتهم على بنكيران بضرورة تعهده “باحترام أخلاقيات التحالف وميثاق الأغلبية، وتجاوز الصراعات الحاصلة في الحكومة السابقة”، على حد تعبير بلاغ رسمي صادر عن حزبهم.
وانطلاقا من هذين النموذجين، على سبيل المثال لا الحصر، يتأكد للمرء أن الرحلة مازالت طويلة بين الحزبين من أجل الالتقاء عند نقطة معينة للتفاهم، مما يتطلب منهما معا بذل جهد أكبر في هذا الاتجاه، إذا كانا فعلا يرغبان في إعادة التجربة الحكومية.
للمزيد من التفاصيل: الأحرار يجتمعون للحسم في استقالة مزوار واختيار خليفته