نشرت مجلة The National Interest الأمريكية مقالا يتنبأ بتحول السعودية إلى سوريا جديدة في ظل الضغط الممارس على تنظيم “داعش” من قبل التكتلات المحلية في سوريا والعراق وليبيا، ما سيفرض عليه الانتقال من معاقله إلى معاقل جديدة.
واعتبرت المجلة الأمريكية في ما قدمته على أن تحليل موضوعي للمعطيات الميدانية أن السعودية تبدو بديلا جيدة بالنسبة لتنظيم “داعش”، المشكل في غالبيته من المقاتلين الأجانب الذين لا تجمعه روابط بوثيقة بالبلدان التي يقاتلون فيها.
السعودية حسب المجلة الأمريكية تعاني من شبح اندلاع اضطرابات بسبب التراجع الاقتصادي، بالإضافة إلى تاريخ من الصراعات مع جيرانها، تبدو مكانا مهيئا لاندلاع تمرد وبالتالي ستكون وجهة مناسبة للجماعات المسلحة التي تسعى إلى إيجاد معقل جديد، ما يعني تحول المملكة إلى حاضنة للإرهاب في المنطقة.
وعدد كاتب المقال، شويلر مور، مجموعة من مظاهر الانقسامات داخل السعودية مثل كون المهاجرين يشكلون ثلث السكان وثلاثة أرباع اليد العاملة وارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب إلى 30 بالمئة، بالإضافة إلى التناقض الحاضر بين التوجه الحداثي والتوجه المحافظ جدا في البلاد.
إلى جانب ذلك، تعاني الرياض من أسوأ أزمة ألمت بمصدر ثروتها الرئيسي، الإنتاج النفطي، والذي يشكل ما نسبته 80 بالمئة من عائداتها. تراجع عائدات النفط سوف يجعل الدولة غير قادرة على دفع الرواتب الكبيرة التي تمنح للموظفين، ما سيضعف شعبيتها وقدرتها على ضمان الولاءات عبر فرص الشغل.
ويتابع شويلر مور بالقول إن السلطات السعودية جوبهت بمعارضة من الجبهة الراديكالية داخل البلاد منذ أن أقامت الولايات المتحدة قواعد عسكرية دائمة فوق أراضيها في التسعينات، مضيفا أن هذه الجبهة كانت مسؤولة عن غالبية الهجمات الإرهابية في الداخل السعودي.
المقاتلون السعوديون في سوريا والعراق، والذي يقدر عددهم بحوالي ألفي مقاتل، والخوف الذي يصاحب احتمال عودتهم، هو في نظر الكاتب مؤشر آخر على إمكانية تحول المملكة إلى حاضنة للإرهاب.
بالإضافة إلى الضغوطات الداخلية، يذكر الباحث الأمريكي بكون السعودية تواجه تحديات خارجية واصفا انخراطها في اليوم بكونهم يستنزف مواردها، بالإضافة إلى ما قال إنها مؤشرات ضعف في وقف الاتفاق النووي الإيراني وهو ما ستسعى “داعش” لاستغلاله.
معطى آخر يفسر، حسب تحليل شويلر مور، إمكانية التوجه نحو السعودية هو أنها توفر ذرائع اتخاذها كعدو موحد من قبل “داعش” بسبب علاقاتها مع الدول الغربية وما توفره من إمكانيات تجنيد في صفوف الشباب العاطل والأعداد الكبيرة من المهاجرين، إلى جانب وجود أكثر بقعتين إسلاميتين مقدستين بأراضيها، مكة والمدينة، ما يجعل هذه العوامل كلها توفر ظروفا جيدا لاندلاع تمرد.
الكاتب، ذهب بعد ذلك ليؤكد أنه من المستبعد أن يتم القضاء على “داعش” كلية، مضيفا أنه على الأرجح سيواصل التنظيم التحريك وشن العمليات، على نطاق أصغر وتحت مسميات مختلفة، لكن مقاتليه سيسعون للتجمع في نقطة يعيدون انطلاقا منها إعادة بناء قوة التنظيم.
هذا ويعتقد البعض أن مثل هذه التحليلات بعيدة عن مجرد التشخيص الموضوعي للوقائع بقدر ما هي مقدمات لمحاولة نقل الفوضى والصراعات التي عصفت بالعراق وسوريا وليبيا إلى السنوات الماضية إلى بلدان أخرى من بينها السعودية، وتحويلها إلى سوريا جديدة ، وهو ما يبشر به مقال شويلر مور.
للمزيد: صوصي علوي: “”داعش تحقق الفوضى الخلاقة التي يريدها الناتو بالعالم العربي”(2)