الرئيسية / إضاءات / إنسانية ملك ..قراءة في دلالات صورة تقبيل الملك لرأس اليوسفي
إنسانية ملك

إنسانية ملك ..قراءة في دلالات صورة تقبيل الملك لرأس اليوسفي

أجمعت كل التعاليق وردود الفعل، سواء في الصحافة، أو في مواقع التواصل الاجتماعي، على أن زيارة  الملك محمد السادس  للقائد  الاتحادي، والمناضل الحقوقي، ورئيس أول حكومة للتناوب التوافقي، عبد الرحمان اليوسفي، وهو على فراش المرض، ومبادرته بشكل عفوي لتقبيل رأسه هي  لحظة  مؤثرة بكل المقاييس، وتعكس إنسانية ملك متشبع بكل القيم الأخلاقية.

لقد  كانت  تلك الصورة، التي  شغلت حديث الناس، بمختلف فئاتهم الاجتماعية والثقافية، وما زالت، موضع اهتمام  وتفاعل من طرف  المهتمين والباحثين الذين سارعوا إلى  إخضاعها  للقراءة في محاولة منهم لسبر أغوراها، وقراءة دلالاتها وأبعادها.

مثلا، الباحث الجمالي موليم العروسي، يعلق على الصورة :”كثير من فسر هذا الأمر على أنه إشارة سياسية”، قبل أن يضيف قائلا ” لكن قل أو انعدم من حاول أن يقرأ الأمر من باب التصرف الإنساني العادي جدا. محمد بن الحسن بن محمد وابن لطيفة أمحزون والذي هو بالمناسبة ملك المغرب يزور شخصا تربطه به علاقة ود وفي لحظة تأثر يقبل رأسه. أليس له الحق في أن يكون إنسانا وإنسانا فقط في بعض اللحظات الحميمية؟”.

وبعد أن اعتبر الباحث الجمالي، في تدوينة له،  أن اللحظات العفوية التي قد يعيشها الملك “قد لاتكون مدروسة مسبقا”، حسب تعبيره، استحضر من الذاكرة وضعية مشابهة عاشها سنة 1996، كان حينها محمد السادس وليا للعهد، “وجاء لافتتاح المجلس الأعلى للثقافة بالرباط. كان من بين الحضور مستشار الحسن الثاني أحمد بنسودة وهو لايقوى وقتها على المشي بسب تقدمه في السن، ففضل البروتوكل الأميري إجلاسه على كرسي فوق المنصة مباشرة قبل وصول الأمير.

عندما وصل ولي العهد هم الشيخ بنسودة بالوقوف لتقبيل يده فأسرع، وهذا شاهدته بأم عيني، الأمير وأجلسه ثم قبل رأسه.”

الباحث الإعلامي يحيي الحياوي، رد على العروسي بتدوينة قال فيها، إنه كتب التدوينة التالية  يوم الحدث: “أن يزور جلالة الملك المجاهد عبد الرحمان اليوسفي في المستشفى، هذا سلوك حضاري. أن يقبل رأسه، هذا سلوك راقي بكل المقاييس. هذه هي القيم المغربية التي تربينا عليها: نقبل أيادي ورؤوس آبائنا وكبارنا في السن، نجلهم ولا نزايد عليهم. السياسة سياسة والأخلاق أخلاق”.

أما الزميل المختار لغزيوي، مدير نشر يومية ” الأحداث المغربية”، فقد كتب  مقالا مفصلا، بعنوان ” التبوريشة..الصورة ـ الرسالة”، استهله بالقول: “كليشيه للتاريخ، صورة للخلود، برواز وإطار يصلحان لالتقاط هاته اللحظة التي لن تزول، ووضعها على جبين كل المغاربة دليلا على أن هذا الرجل/ الملك استثناء حقيقي في زمن عزت فيه الاستثناءات..”

وبعد ان يتحدث عن تفاصيل اللقاء بين الملك واليوسفي، يخلص إلى الاستنتاج التالي: “المغاربة الذين يعرفون محمد السادس خير المعرفة، يعرفون عنه تواضعه، يدركون إنسانيته، خبروا غير ما مرة اقترابه من الناس، والتحامه بالجميع في هذا البلد، لكنهم السبت أحسوا جميعا في نفس اللحظة والحين بالقشعريرة، والكلمة هنا لن تؤدي معناها إذا قيلت بالعربية الفصحى، ولن تعبر عن مكنون الناس الفعلي يومها إلا إذا انتقلت إلى مغربيتنا، وقيلت بدارجتنا التي نتحدثها فيما بيننا : “التبوريشة”.

هي “تبوريشة” البلد في لحظة من لحظات تاريخه المفصلية، دونما حكومة، أو على أهبة تكوينها، بعد انتخابات قيل فيها الشيء الكثير، وبعد أوان سياسي شك فيه من أراد الشك، وظل المغربي المؤمن بوطنه على العهد يقول “أثق في كلام محمد السادس إذا قال لي إنه سيحترم الديمقراطية”، وكذلك كان..”

يوم السبت 15 أكتوبر 2016 وملك البلاد يطبع قبلة الجبين الإنسانية الموغلة في الاحترام على جبين تاريخ يسمى عبد الرحمان اليوسفي، كانت الساعة المغربية فقط تعدل عقاربها وتضبط الإيقاع كله مرة أخرى على التوقيت المغربي… توقيت الرباط وسلا وماجاورهما، لا توقيت أي عاصمة أخرى في مكان آخر من هذا العالم الفسيح.”

وفي الختام يشدد لغزيوي، على أن “تلك التبوريشة التي عمت المغرب كله، تقول لنا إن الرسالة وصلت إلى الجميع، وذلك هو الأهم في نهاية المطاف..”

للمزيد من التفاصيل: التفاتة إنسانية.. الملك محمد السادس يزور اليوسفي في المستشفى