في كلمة مؤثرة، نعى اتحاد كتاب المغرب، الفقيد الكاتب والمؤرخ والإعلامي الكبير الأستاذ محمد العربي المساري، ومما جاء فيها:
مرة أخرى، يضرب الموت موعدا آخر مع ركن أساس من أركان الثقافة المغربية؛ يتعلق الأمر بعضو اتحاد كتاب المغرب، المثقف والمؤرخ وقيدوم الإعلاميين المغاربة والدبلوماسي المحنك والوزير الحكيم، الأستاذ محمد العربي المساري، الذي وفاته المنية، رحمه الله، يوم السبت 25 يوليوز 2015 بالرباط، عن سن تناهز الثمانين سنة، بعد معاناة مع المرض، وأيضا بعد حضور كبير ومؤثر في الساحة الثقافية والإعلامية والسياسية والدبلوماسية، طوال عقود من الزمن والنضال والتأليف والعمل الدؤوب، دون كلل أو ملل، مدافعا باستماته عن القضايا الوطنية الكبرى، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، وقضايا الهوية العربية الإسلامية، بمثل دفاعه عن الثقافة والمثقفين، من أجل ترسيخ قيم الوطنية الأصيلة، والثقافة الواعية، المقاومة لكل أشكال التخلف والتفكير البائد.
كما كان الفقيد الراحل من المؤسسين لاتحاد كتاب المغرب، حيث ظل وفيا لهذه المنظمة الثقافية الوطنية العتيدة، بمثل وفائه لمبادئها وقيمها إلى أن وافته المنية رحمه الله. كما كانت تدخلاته الرصينة والمؤثرة، في مؤتمرات الاتحاد وخارجها، ركيزة من ركائز البناء والتأهيل والاستمرار لهذه المنظمة الشامخة، فالثقافة بالنسبة لفقيدنا، تشكل المدخل الرئيس للتطور والتنمية والانفتاح والتقدم، هو الذي ظل، رحمة الله عليه، متشبثا بالتاريخ المغربي القديم والحديث والمعاصر، إذ يعتبر من المؤرخين الكبار الذين اهتموا بالروح الوطنية والتاريخية في مؤلفاته وفي عمله الدبلوماسي الموازي، حيث صدر لكاتبنا الراحل عديد المؤلفات الرصينة في هذا الباب، من بينها: كتاب “قضية الأرض في نضالنا السياسي منذ الاستقلال”، وكتاب “المغرب وإسبانيا في آخر مواجهة (حول قضية الصحراء)”، وكتاب”صباح الخير للديمقراطية للغد”، وكتاب “محمد بن عبدالكريم الخطابي من القبيلة إلى الوطن”، وغيرها من الكتابات…
لقد كان فقيدنا رحمه الله، باحثا متزنا ومثقفا موسوعيا وكاتبا صحفيا مسؤولا ورجل سياسة محنك، فمن بحوثه الأدبية العربية العلمية التي تعد إضافة نوعية للمكتبة العربية، كتابه “إسلاميات أدب المهجر”، وكتاب “المغرب ومحيطه”.
للمزيد:حوار مع المرحوم محمد العربي المساري
فيما تجلت ثقافة فقيدنا الموسوعية، رحمه الله، في إتقانه لبعض اللغات الأجنبية، من بينها الإسبانية والبرتغالية، فضلا عن انفتاحه على الثقافة العالمية الإنسانية، والتي جعلته يتبوأ مكانة محترمة في عديد المناسبات والمحطات الدولية والعربية والوطنية، منها عضويته في لجنة تحكيم جائزة اليونيسكو لحرية الصحافة، ورئاسته للجنة التحكيم للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة، والسينما، وغيرها، مترجماً بذلك روح ومسارات جيل ما قبل الاستقلال وما بعده، إلى جانب تدخلاته المفيدة، مساهما في رسم خريطة الطريق بالنسبة للمنظمات المدنية المهتمة بالشأن الثقافي والسياسي، عبر تفاعله المنشغل بقضايا المجتمع المدني، حيث كان الفقيد من الأعضاء المؤسسين والفاعلين والمتتبعين الخلص للمشهد الثقافي والإعلامي الوطني والدولي.
وبهذه المناسبة الأليمة، يتقدم اتحاد كتاب المغرب، بتعازيه ومواساته في رحيل فقيد الثقافة والإعلام والفكر ببلادنا، إلى زوجته الكريمة، وإلى أنجاله وعائلته الصغيرة والكبيرة، وإلى كافة أعضاء اتحاد كتاب المغرب وأصدقائه في التجربة السياسية والإعلامية والحكومية والدبلوماسية، سائلين الله تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أسرته وأقرباءه وأصدقاءه الصبر وحسن العزاء.