شكلت ملاعب الجزائر خلال الأعوام الأخيرة منابر لجماهير كرة القدم لإطلاق أغان رياضية ذات دلالات اجتماعية وسياسية تنتقد السلطة وتعكس حقيقة الواقع المعيشي، بحسب مختصين.
ولا تخلو مباريات الدوري الجزائري لكرة القدم بدرجتيه الأولى والثانية من أداء الجماهير بشكل جماعي وحماسي أغاني سياسية تعري الواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه الجزائريون.
وخلال الأشهر الماضية انتشرت العديد من الأغاني في جل الملاعب، ولقيت صدى واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي مثل أغنية “بابور اللوح” التي يؤديها مشجعو نادي اتحاد العاصمة، وأغنية “في سوق الليل” التي أطلقها مشجعو نادي مولودية الجزائر.
وقال المختص الاجتماعي محسن بن عاشور أن “ما تردده جماهير الكرة الجزائرية من أغان يعبر عن المواطن البسيط والواقع المعيشي”.
وأضاف بن عاشور “المواطن بصفة عامة مغلوب على أمره، يحب التعبير عما يحسه بترجمة همومه ومشاكله على جدران الشوارع والأرصفة والفضاءات الافتراضية، أو وسط مجموعة كما في ملاعب كرة القدم”.
وأشار إلى أن “سبل التعبير هذه يراها البعض خوفا وجبنا.. والكلمات السياسية التي تصدرها جماهير الملاعب تعكس حقيقة المواطن المغلوب على أمره والذي لا يستطيع كشف همومه جهرا إما خوفا وإما حياءا وإما احتراما”.
وأكد أن أغاني مشجعي الكرة الجزائرية لها دلالات سياسية واجتماعية واقتصادية تنم عن وعيهم ووعي المواطن بصورة عامة بما تشهده البلاد من قضايا ومشاكل.
وأوضح المتحدث أنه يفترض من الحكومة أن تكون ذكية وتسمع لمثل هذه الأغاني الناقمة على الوضع العام، والتي يرددها المشجعون فوق المدرجات.
بدوره قال الصحفي بالقسم الرياضي لجريدة الفجر (خاصة) محمد بلقطار إن “الملاعب الجزائرية تحولت إلى منبر لانتقاد المسؤولين، والمناصر الجزائري أثبت إدراكه الكامل للوضع الذي تعيشه البلاد”.
وأشار إلى أن “مشجعي الفرق يتفنون في ترجمة واقعهم بطريقة بسيطة تؤكد فهمهم لأسباب التراجع الذي تعيشه البلاد خصوصا على صعيد التكفل بالشباب”.
وأوضح أن “روابط مشجعي كرة القدم الجزائرية توجه رسائل متعددة عبر أغانيها، تتضمن مطالب متعلقة بالعيش الكريم والحرية، وتندد بالظلم والفساد”.
ومن جانبه يرى الصحفي بالقسم الرياضي لجريدة الشروق (خاصة) نبيل بلحيمر أن “الملاعب حاليا تعدّ المنفذ الوحيد أمام الشباب للتعبير عما يختلج في صدورهم”.
وقال بلحيمر إن “المشجعين يستغلون الملاعب لتمرير أفكارهم السياسية بالهتافات والأغاني وحتى بالرايات واللافتات بعد أن أُغلقت في وجوههم الأبواب”.
وأشار إلى أن جماهير الكرة الجزائرية “تسببت في أزمات دبلوماسية مع دول بعد ترديد أغان وشعارات وصفت بالمسيئة لقادة دول، وسببت حرجا كبيرا للحكومة التي اضطرت غالبا لتقديم اعتذارات رسمية للحفاظ على علاقاتها مع هذه الدول”.
وبينما يبدع المشجعون بمرور جولات الدوري الجزائري أغاني جديدة تنقل هموما وانشغالات، تكتفي السلطات بالمتابعة من بعيد مع تعليقات جانبية تؤكد أن للجماهير الحق في التعبير عن آرائها.