على غير عادته، حصد حزب العدالة والتنمية، نتائج كارثية في الانتخابات الجزئية منذ انطلاقتها العام الماضي إلى غاية أول أمس الخميس، حيث فقد مجموعة من الدوائر الهامة بالمملكة والتي كانت في وقت قريب معاقل حقيقية لـ”إخوان” العثماني.
وأضيفت الهزيمة الثقيلة التي مُني بها الحزب الحاكم، الخميس، بدائرتي “جرسيف” و”خنيفرة” إلى سجل الهزائم التي حصدها قبل أشهر في الاستحقاقات الجزئية بكل من مدن “سطات، والجديدة، وأكادير، وبني ملال، وتارودانت، وبرشيد، والمضيق”.
وبحسب مراقبين للشأن السياسي المغربي فإن شعبية حزب العدالة والتنمية تراجعت بشكل لافت في ظل النتائج المسجلة، كما تراجعت أسهمه في الساحة السياسية، فيما اعتبرها آخرون أنها طبيعية بالنظر للتصدع الداخلي الذي عاشه الحزب الحاكم قبل المؤتمر الثامن.
ويرى الدكتور محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني بمدينة المحمدية في تصريح لـ مشاهد24 أن الانتخابات الجزئية “ليست معيارًا محددًا لقياس شعبية حزب ما، غير أنه خلافًا لهذا المنطق أظهرت الانتخابات الأخيرة، أن الحزب الحاكم بالبلاد لم يعد يتمتع بأي ثقل سياسي”.
وأكد زين الدين، أن ما يجري داخل حزب العدالة والتنمية “ما هو إلا بداية عودة هذا الكيان السياسي إلى وضعه الطبيعي كباقي الأحزاب المغربية، بعدما كان يتمتع بحضور قوي في الساحة السياسية، إبان فترة الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران”.
وأشار المتحدث، إلى أن فقدان العدالة والتنمية لمجموعة من الدوائر الهامة بالبلاد يرجع إلى عدة أسباب، أولها، أنه يعيش أزمة تنظيمية غير مسبوقة أربكت كل تحركاته في الاستحقاقات الجزئية، والتي بدأت منذ فترة بنكيران، وتحديداً عندما انقسم إلى تيارين.
أما السبب الثاني يردف – أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني بالمحمدية – فيكمن في أن الأمين العام السابق للحزب عبد الإله بنكيران، كان يخلق من حوله زخما إعلامياً كبيراً وهو ما فشل فيه الأمين العام الحالي سعد الدين العثماني.
وفي تحليله للمؤشرات الحالية، يؤكد الخبير السياسي، أن الوضعية التي يمر منها حزب العدالة والتنمية، قد يستفيد منها باقي الأحزاب المشكلة للمشهد السياسي بالمملكة وفي مقدمتها حزب التجمع الوطني للأحرار والذي أعلن رئيسه عزيز أخنوش، قبل أسابيع أن حزبه سيترأس الحكومة بعد الانتخابات التشريعية القادمة.
ويعتقد المتحدث، أن المواطن المغربي عاقب الحزب الحاكم في الانتخابات الجزئية منذ بدايتها إلى يومنا هذا “لأنه لم يقدم له أي حلول لمشاكل البطالة والزيادة في المعيشة والفقر وغيرها من الظواهر التي تنخر المجتمع المغربي”.
من جانبه يرى سعد ناصر، المحلل السياسي والأكاديمي في تصريح لـ مشاهد24، أن إخفاق حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الجزئية يمكن إرجاعه بالأساس إلى طريقة تعامل الحزب غير الموفقة مع اختيار بعض الأسماء التي تم تزكيتها للترشح في الدوائر المعنية.
ويعتبر ناصر، أن نتائج الانتخابات الجزئية شكلت فرصة حقيقية لجس نبض الناخب المغربي، والذي لم يذهب بكثافة إلى صناديق الاقتراع للتصويت عليه، مؤكداً أن هذا السلوك المثير “يؤكد بالملموس أن حزب العدالة والتنمية لم يعد كما كان في السابق ولم يعد قادراً على استقطاب الناخبين”.