الجزائر

“انبطاح مجاني” أمام الإدارة الأمريكية وإسرائيل يأتي بنتائج عكسية للرئيس تبون ونظامه!!

بقلم: هيثم شلبي

في مقابلة صحفية، يظهر جليا أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هو من طلب إجراءها مع صحيفة “لوبينيون” الفرنسية، فيما يشبه “إعلانا مدفوع الأجر” في الصحيفة المذكورة، حاول الرئيس تبون إيصال جملة من الرسائل الخارجية “لمن يهمه أمرهم” ردا على تجاهلهم إياه لأن “أمره لا يهمهم”؛ لاسيما أن الداخل الجزائري لا يستحق التوجه إليه عموما، ويكفي لقاء الرئيس تبون الدوري مع أبواق نظامه الإعلامية من أجل قول ما يريد للساحة الداخلية، وتحديدا الأرقام “المنفوخة” والوعود “الكاذبة” والشعارات الدعائية “الفارغة”!!

رسائل الرئيس تبون من حيث العدد الأكبر تم توجيهها إلى فرنسا، وذلك بسبب تبعية النظام الجزائري -منذ الاستقلال- للمستعمر السابق، ناهيك عن خطورة استمرار الأزمة الحالية في العلاقات بين البلدين على مستقبل نظام الجنرالات! وهكذا، تنوعت الرسائل تبعا لتعدد المرسل إليهم، بدءا بالرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته؛ مرورا ببعض الشخصيات التي استجدى الرئيس تبون تدخلها “بخيط أبيض” كشوفينمان ودوفيلبان ورافاران وغيرهم؛ وانتهاء باليمين “المتطرف” وتحديدا مارين لوبان وخليفتها بارديلا. أما من ناحية المواضيع، فقد كانت متنوعة بدورها، تضم خليطا غير متجانس يعكس ارتباك النظام الجزائري في ورطته الحالية التي أدخل نفسه فيها بسبب ردة فعله “العنترية” غير المدروسة على قرار فرنسا السيادي بالاعتراف بمغربية الصحراء.

أما من ناحية الأهمية، فجاءت رسالة تبون إلى الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة الرئيس ترامب، ومن ورائه إسرائيل القوية التواجد في واشنطن، لتحتل صدارة الاهتمام، وتجلب غالبية ردود الأفعال، على الرغم من كونها رسالة واحدة مفادها أن “الجزائر ليس لها أدنى مشكلة مع إسرائيل، وأنها ستعترف بها في اليوم الأول لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة”. ورغم أنه أكد أن موقفه هذا يعتبر تأكيدا لمواقف سلفيه الراحلين الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة، إلا أن ذلك لم يشفع له تجاه من استهجنوا موقف تبون الذي يأتي بدون أي مناسبة، وخارج أي سياق!! وقبل الخوض في ردود الأفعال المسجلة، تجدر الإشارة إلى أن الأطراف التي وجهت لها هذه الرسالة لم تكلف نفسها عناء الرد ولو بكلمة، واختارت التجاهل التام لهذه “القفزة البهلوانية” لرئيس يعشق أن يكون حديث الإعلام. وبالتالي، يمكن القول أن الرسالة عادت للمصدر بعد أن رفض المعنيون بها استلامها!!

وقد فاقم من كارثية هذا “الانبطاح المجاني” الذي أظهره النظام الجزائري على لسان الرئيس تبون -إضافة للتجاهل الأمريكي والإسرائيلي له- أنه لم يستقبل بشكل هادئ من الرأي العام المحلي، حيث سارعت حركة مجتمع السلم لإدانته وتذكير الرئيس تبون نفسه بانتقاداته السابقة للدول المطبعة، واعتبار هذا التطبيع مبررا لقطع أو توتر علاقة الجزائر بها (المغرب، الإمارات، البحرين). وحتى من “أحسن” استقبال تصريحات تبون، فقد أصدروا تعليقات “تسخّف” من تصريحات رئيسهم، على اعتبار أنها لم تأت بجديد، حيث أن موقف الجزائر معلن، شأنها شأن باقي الدول العربية الموافقة على مبادرة العاهل السعودي الملك عبد الله، والتي حملت طابعا عربيا منذ صدورها في قمة بيروت عام 2002، والتي تؤكد أن جميع الدول العربية -وليس فقط الجزائر- مستعدة للاعتراف بإسرائيل وتبادل السفراء معها في اليوم التالي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة (على أقل من 20% من فلسطين التاريخية)، وعاصمتها القدس الشرقية (مساحتها 9 كلم مربع)!! بمعنى آخر، ما هو الداعي لتجديد الموقف الجزائري المعلن منذ 2002؟!

لقد بدا واضحا أن تصريح الرئيس تبون كان يحمل هدفا واحدا لا ثاني له: لفت انتباه الرئيس ترامب!! الذي يكثر من الحديث عن التطبيع بين إسرائيل “وجيرانها” العرب، وفي ذهنه عناوين محددة ليس من بينها الجزائر: السعودية، قطر، عمان، وبدرجة أقل العراق وربما سوريا! فأراد تبون بصراخه وجلبته أن يلفت نظر الرئيس ترامب لوجود من هو مستعد للتطبيع، والانخراط في زمرة أصدقاء العم سام، لكن دون نجاح ظاهر لهذه المحاولة؛ وهو ما يذكر بمحاولات فاشلة مماثلة، سبق للرئيس تبون أن تغزل فيها بكل من روسيا والصين، طمعا في عضوية البريكس، دون أن يتحقق له ما أراد.

كخلاصة، جلب التصريح الاعتباطي للرئيس تبون، غضب الأتباع الذين رأوا فيه تخليا عن “عنتريات” الأنظمة الجزائرية المتعاقبة، وعن مبدأ نصرة فلسطين ظالمة أو مظلومة، ووقوفها إلى جانب نضالها حتى إنجاز مهمته التحررية؛ ومن جهة ثانية، لم يجلب له هذا الانبطاح المجاني اهتمام الأمريكان ولا مباركة إسرائيل، لأن أغلبهم ببساطة لا يقيمون وزنا للقوة الضاربة في أفريقيا، هذا إن علموا بوجودها أصلا!!

اقرأ أيضا

مقاتلات إف-35 الشبحية من الجيل الخامس

اقتراب المغرب من امتلاك مقاتلات إف-35 الشبحية من الجيل الخامس يرعب النظام الجزائري

ارتجت الأرض تحت أقدام النظام العسكري الجزائري عند كشف بعض التقارير الدواية عن اقتراب الرباط وواشنطن من إبرام صفقة لحصول المملكة على مقاتلات “إف-35 لايتنينغ 2” (F-35 Lightning II) من شركة لوكهيد مارتن، وهي المقاتلة الشبحية من الجيل الخامس التي تبنتها معظم دول الناتو.

الجزائر

تصفية الحسابات.. النظام الجزائري يزج بوزير داخلية سابق بالسجن بتهم فساد

يواصل النظام العسكري الحاكم في الجارة الشرقية حملته الممنهجة لتصفية رموز نظام بوتفليقة، مع محاولة تحويلها إلى غطاء لتصفية الحسابات بسبب المواقف السياسية لكل الأصوات المعارضة.

ماكرون وتبون

سعار الكابرانات.. النظام الجزائري يستدعي السفير الفرنسي ويوجه لباريس تهما واهية

من جديد، ووسط تصاعد التوتر بين البلدين، استدعى النظام العسكري الجزائري المهووس بنظرية المؤامرة، سفير فرنسا بالجزائر، ستيفان روماتي، ووجه لباريس تهما واهية، ما يفضح مرة أخرى حالة التخبط التي يعيش فيها جنرالات قصر المرادية.