الجنرال جبار مهنا

أولى الهزات الارتدادية لزلزال الانتخابات الرئاسية الجزائرية.. الإطاحة بالجنرال جبار مهنا!!

بقلم: هيثم شلبي

لم يكن متوقعا أن تمر فضيحة الانتخابات الرئاسية الجزائرية دون تداعيات. فالطريقة الكارثية التي أدارتها بها السلطة المستقلة للانتخابات، والتي فاقمتها بدل أن تساهم في التخفيف منها “فطنة” قضاة المحكمة الدستورية، أثبتت لمن لا زال لديه ذرة شك في أن هذا النظام بمختلف أجنحته وأركانه، فاقد للشرعية الشعبية على جميع المستويات، وأن صراعات جنرالاته ستعجل بنهايته. لماذا نقول صراعات جنرالاته؟ لأن المطلع والجاهل على الأوضاع الجزائرية، يدرك أنه لا سلطة مستقلة خارج نفوذ الجنرالات، لا لإدارة الانتخابات، ولا للقضاء الدستوري؛ وأن الفضيحة في فصلها الأول كانت إخراجا متعمدا من جهة نافذة أجبرت على القبول بترشيح تبون لعهدة ثانية نظرا لغياب بديل، وبالتالي، عمدت إلى محاولة “تشويه” انتصاره الانتخابي، والتشكيك في شرعيته، وذلك عبر ما أعلنت عنه السلطة المستقلة للانتخابات، من فوزه بخمسة ملايين و300 ألف صوت، أي أن “إنجازات عهدة كاملة” لم تجلب له أي صوت إضافي على ما ناله عام 2019، كما أن منحه 95% من الأصوات قصد به الطعن في صحة النتائج وليس “مدح” الرئيس المظفر! وحتى تكتمل “الباهية” كما يقال في المغرب، خرجت السلطة باختراع “معدل نسب المشاركة” لتكمل تحويل الانتخابات برمتها إلى فضيحة مكتملة الأركان. أما الفصل الثاني فقد تكفل به “جنرالات تبون”، مدنيين وعسكريين، والذين لم يتفوقوا على سابقيهم إلا في عبثية الحلول التي اخترعوها لتحويل المهزلة إلى فضيحة.

أصابع الاتهام في هذه المهزلة توجهت إلى شخص واحد (الجنرال جبار مهنا) تنطبق عليه مواصفات المطلوب: فهو جنرال صاحب نفوذ (بحكم المنصب وقربه من الرجل القوي محمد مدين)؛ عارض بشدة عهدة تبون الثانية؛ وله سوابق في محاولة تحويل تبون إلى “أضحوكة” عبر التسريبات المتعلقة بالجواسيس الإماراتيين؛ اجتماع المخابرات المغربية والفرنسية والإسرائيلية في تل أبيب؛ اتهام المغرب بحرائق منطقة القبايل؛ مهاجمة المخابرات الفرنسية في قضية أميرة بوراوي، فضيحة بنت الرئيس ومستشاره، وغيرها من الأحداث التي كان صغار الموظفين يدفعون ثمنها كل مرة!! وعليه، ورغم أن جناح الرئيس لم يكن أشد ذكاء أو أكثر توفيقا في علاج مهزلة الانتخابات التي صنعها جبار مهنا، وقام بتحويلها إلى فضيحة، إلا أن الكثيرون أجمعوا على أن جبار مهنا قد كتب شهادة وفاته، ولم يبق سوى حصول تبون على مباركة “السيد الفرنسي” (الحاكم الفعلي للجزائر) قبل أن يطاح برجل توفيق القوي من جهاز المخابرات الخارجية، وهو ما حصل.

الآن، يتساءل الجميع داخل وخارج الجزائر: ماذا بعد؟! هل ستتوقف حملة قطف الرؤوس عند حدود رأس جبار مهنا، أم أن جنرالات آخرين قد بدأوا يتحسسون رؤوسهم بين الحين والآخر للتأكد من أنها لا تزال في مكانها؟! المنطق يقول بصعوبة وقوف الحملة هنا لأسباب عدة: فالجنرال جبار مهنا ليس أداة الجنرال توفيق الوحيدة داخل جهاز المخابرات، وبالتالي فالاقتصار على الإطاحة بمهنا دون باقي الأذرع (كالجنرال ناصر الجن مدير المخابرات الداخلية، والعقيد معاذ مدير مكتب جبار مهنا النافذ، وغيرهما من مدراء الإدارات والمصالح داخل جهاز المخابرات بفروعه الثلاثة) لن يؤدي إلى “قطع” يد توفيق ومنعه من اللعب في عهدة تبون الثانية. يضاف إلى ما سبق، الجنرال السعيد شنقريحة رئيس الأركان نفسه، والذي وإن كان أقل عداء لتبون، فإنه يشبه جبار مهنا في كونه مكروها من جميع جنرالات المؤسسة العسكرية، ومن شأن نجاح تبون (أو مستشاره بوعلام ونجله أحمد) في الإطاحة بجنرالات توفيق من جهاز المخابرات، واستبدالهم برجالاته كما حصل مع بديل مهنا، الجنرال محمد رشدي فتحي موساوي، الذي تكاد مؤهلاته تقتصر على رضى عائلة تبون عنه، وتحديدا نجله الأكبر أحمد؛ نقول إذا نجح جناح الرئيس في السيطرة على جناح المخابرات (كما حصل مع بوتفليقة- قايد صالح) فستصبح مهمة إزاحة شنقريحة مهمة في غاية السهولة، وتتحقق سخرية الأقدار (كما يحدث دائما) ويصبح أضعف أطراف السلطة الجزائرية (الرئيس تبون) أقواها!! ثالث المتحسسين لرؤوسهم، هم الجنرالات المقربين من مهنا أو شنقريحة، وعلى رأسهم الجنرال يحيى علي والحاج، قائد الدرك الوطني، وأكثر الجنرالات قربا من شنقريحة، والذي يبدو أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يحميه ويؤمن عنقه هو “الانقلاب” على ولي نعمته، وتقديم فروض الولاء والطاعة للرئيس تبون، وهو أمر ليس مستبعدا، كما نشاهد عادة في عالم عصابات المافيا تماما!!

كخلاصة، تبدو الأيام المقبلة مفتوحة على فصول تصفيات جسدية ومهنية جديدة، وسنشهد خروج جنرالات من السجن ودخول آخرين إليه، وهروب أسماء وازنة إلى ملاجئها الأوروبية والأسيوية، كما يمكن أن تتصاعد الأمور إلى حرب تصفيات واغتيالات فعلية بين جنرالات الجزائر؛ كل ذلك غير بعيد عن أعين الرئاسة والمخابرات الفرنسية التي تمتلك في النهاية الكلمة الفصل في المشهد الختامي الذي ستؤول إليه الأمور، اللهم إلا إذا انقلب شرفاء النظام العسكري من قادة الصف الثاني الوطنيين على المنظومة برمتها، ونجحوا في إعادة الجزائر إلى عهد ثوارها الأوائل الذين قاتلوا بشرف، واستشهدوا “لكي تحيا الجزائر”!!

اقرأ أيضا

¨لوبوان¨ الفرنسية.. الدرس السوري للنظام العسكري: هل يمكن للجزائر أن تواجه مصير دمشق؟

تحت عنوان "الدرس السوري للجزائر"، أفادت مجلة “لوبوان” الأسبوعية الفرنسية، بأن نظام بشار الأسد والنظام العسكري الجزائري مرتبطان بشكل وثيق، متسائلة "هل يمكن للجزائر أن تواجه مصير دمشق؟".

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

محاولات الجزائر للحاق بالمغرب أفريقيا: صغيرة جدا، ومتأخرة جدا!!

يحاول النظام الجزائري مؤخرا، عبر دبلوماسيته ووسائل إعلامه، أن يوحي بأن عهد الرئيس تبون يشهد "طفرة" في الدور الأفريقي للجزائر، وعودة إلى ماضيها "التليد" إبان الحرب الباردة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي،

الجزائر وفرنسا

باريس تفضح أكاذيب النظام الجزائري.. الاتهامات الموجهة لفرنسا “لا أساس لها من الصحة”

فضحت فرنسا كل الاتهامات الواهية التي وجهها لها النظام العسكري الجزائري بشأن ما وصفه الكابرانات بـ”مخططات عدائية” تقف وراءها المخابرات الفرنسية.