مرت زيارة وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية الجزائري، عبدالقادر مساهل، وكأنها زيارة عادية على صفحات أغلب الجرائد الجزائرية، التي نقلت أن الوزير يقوم بزيارة عمل إلى دمشق حاملا رسالة من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى أخيه الرئيس بشار الأسد تمنى فيها أن تنتصر سوريا على الإرهاب إلى غير ذلك من الكلام المصطنع الممل.
فهل يعيش هؤلاء الصحافيون في كوكب آخر أم أنهم مأمورون يستخفون بعقول الناس؟
ومع ذلك استهجن جل الجزائريين الزيارة والعلاقات المريبة التي باتت تجمع النظام في الجزائر مع نظام الأسد، لأنهم لم ينقطعوا عن مساندة الثورة السورية منذ انطلاقتها منذ 5 سنوات ونيف. ولكن لماذا يغامر النظام الجزائري في مسعى انتحاري كهذا، فهل يمكن للجزائر كدولة أن تجني شيئا من الانحياز إلى محور يعتبره المجتمع الدولي محور شر، كيف يتصرف هكذا، وهو يعلم أن معظم الجزائريين يدركون أن النظام السوري ديكتاتوري، وحزب الله طائفي، وإيران حاقدة على العرب، وليس للروس من فضيلة سوى البحث عن المصلحة بأي ثمن؟
يتظاهر نظام بوتفليقة بالحياد في حين أنه مصطف وراء النظام السوري كما يبيّن ذلك التعاون الأمني والاستخباراتي بينهما منذ بداية الثورة في سوريا.
إقرأ أيضا: سياسي جزائري: المشكل ليس في بوتفليقة بل في النظام برمته
فما معنى حياد لا يلتفت فيه النظام الجزائري البتة إلى المعارضة السورية؟ لقد استقبل وزير الخارجية وليد المعلم في العاصمة الجزائرية، فهل استقبلت شخصية سورية واحدة منتمية إلى المعارضة في الجزائر؟
يتبجّح النظام الجزائري بوقوفه المبدئي ضد التدخل في شؤون الدول الداخلية، فلماذا إذن يصادق نظام الملالي الذي يعيث فسادا في سوريا واليمن، ولا ينبس ببنت شفة وهو يرى حزب الله يقتل أحفاد الأمير عبدالقادر الجزائري في دمشق وغيرها، متدخلا في وضح النهار بالقتال إلى جانب نظام الأسد، وعلى أساس طائفي كما يفعل عرابه الإيراني؟
كيف يمكن لدبلوماسية تدعي خدمة الجزائر وهي تفعل كل شيء لفصلها عن محيطها الطبيعي وإخراجها عن التوافق الدولي، إذ في الوقت الذي أجمع فيه كل الفاعلين الدوليين على أن لا مستقبل للأسد في سوريا القادمة، لا تزال هذه الدبلوماسية العرجاء تتحدث عن مصالحة وطنية وحوار بين أبناء الشعب السوري، فتساوي بين الضحية والجلاد وتخسر حلفاء الجزائر واحدا تلو الآخر؟
ولكن لا يجب أن ننسى أن هذا النظام قد وقف ضد الثورة التونسية في البداية، وضد الثورة المصرية، ووقف مع نظام معمر القذافي، فلا يجب أن نتعجّب وهو يدعم اليوم بشار الأسد. ونحن نتذكر الأوصاف النابية التي وصف بها الربيع العربي على لسان رئيس الحكومة عبدالمالك سلال وحتى عبر رسائل الرئيس بوتفليقة أو من يكتب رسائله.
كيف يمكن لنظام يدعي أنه سليل ثورة التحرير الجزائرية العظيمة أن يكون ضد الثورات ويخاف من رياح التغيير حتى وإن هبت بعيدا عن دياره؟ هل وقوف النظام الجزائري ضد الثورات يحميه منها أم أنه حينما تنضج الثورة ستحدث رغم أنفه؟
لم يكتف نظام بوتفليقة بإهدار مقدرات الجزائر حتى باتت على شفا حفرة من الإفلاس، بل يريد أن يجهز على ما تبقى من رأسمالها المعنوي، إذ بعدما كانت قبلة للثوار كاد أن يحولها إلى مزار للطائفيين وأعداء الحرية.
كاتب جزائري/”العرب؟