يعتقد البعض أن الخبر السيئ هو الخبر الصحفي.. وهو السبق الذي يتنافس عليه الصحافيون.. ويتلقفه القراء.. ويهواه الباحثون عن التشويق.. فالشمس تشرق كل صباح لتضيء دنيانا.. هذا ليس خبرا.. إنها تضيء منذ ملايير السنين.. لكن ألا تشرق نهائيا.. فهذا هو الخبر.. أليس كذلك.. كلب عض رجلا.. ورجل عض كلبا.. ليسا سواء.. لا أدري ما السبب الذي يجعلنا أسرى ما يحزننا.. لا ما يسرنا.. كأننا ما وجدنا إلا لنسبح في بحر من الأحزان!
في الجزائر.. نكتب على ذمة ما يتدفق يوميا من أخبار سيئة.. وربما تافهة للغاية.. ولا نكاد نلتفت لما قد يطرأ من أشياء جميلة.. قد لا تكون متوفرة.. لكن لم لا نوفرها؟
غريب أمر هذا الوطن.. المسور بالسوء والشؤم .. فآخر الأخبار والتقارير.. تحملنا إلى بؤرة الثقب الأسود.. حيث نتلاشى أمام عالم يتقدم ونحن نرتد.. يبتكر ويبدع ونحن نبيع خام النفط لنشتري أي شيء.. يحتكم إلى الحقائق.. ونحن نسوق الأوهام و«المفبركات“.
إقرأ أيضا: لماذا تحوم الشكوك بشأن نوايا الإصلاح التي أعلنها النظام الجزائري؟
خذ على سبيل المثال آخر خبرين.. أحدهما يتعلق بآخر تصنيف للجامعات في العالم.. حيث أهمل الجامعات الجزائرية نهائيا.. لعله لم يجد ما يدعو لذلك.. كأننا لم نكن.. مليون ونصف مليون طالب ليسوا شيئا.. مجرد أرقام غبارية.. لا تساوي شيئا في ميزان البحث العلمي.. خبر سيء لاشك.. غير أن الحكومة لا يعنيها هذا.. يعنيها فقط كيف توفر المخصصات المالية لتسيير هذا العبء.. أكرر هذا العبء!
الخبر السيء الآخر.. أننا في مقدمة الدول التي تسيء للأطفال.. وتحديدا قائمة البلدان التي يروج فيها اختطاف الأطفال وقتلهم والتنكيل بهم.. ثم التخلص منهم برميهم في الآبار والبالوعات.. كثيرون سيجدون الخبر سيئا.. لكنه وللغرابة لا يثير أنفة الحكومة.. ولا يدعوها إلى احتواء هذه المصيبة.
إذا أردتم أن تقرأوا خبرا سارا.. فهو عودة ”عبد الحميد الإبراهيمي“ من منفاه القسري أو الإرادي في لندن.. هذا إن ثبت الخبر أصلا.. ودلالته أن معارضا شرسا لنظام ما بعد جانفي 1992.. يمكن أن ينام في بيته.. وأن يسير في الشارع.. وأن يحوز جواز سفره.. دون أن يخشى على نفسه.. وأجمل من هذا أن يختبر حقه في المعارضة في الداخل.. وليس في الخارج.
أليست الأخبار السارة أخبارا صحفية أيضا؟
صحفي جزائري/”البلاد”