السلطة السياسية وتغييب دور المثقف

بقلم: أزراج عمر*

يعدّ تجاهل السلطة السياسية لدور المثقفين، كما هو الأمر في نموذج الجزائر مثلا، كارثة كبرى، وفي ظل تفاقم هذه الآفة المزمنة المستشرية نجد السياسيين الجزائريين يعتقدون أنهم هم فقط أصحاب الفكر والرأي، ولاشك أن هذا الوضع هو من أخطر العقبات التي تعوق الانطلاق في إنجاز مشروع النهضة التي ينبغي أن تتضافر الأبعاد الفكرية والروحية والثقافية، السياسية والمادية لتجسيده في الواقع الملموس.
أما المشكلة الثالثة التي تطفو على السطح فتتلخص في أن هؤلاء السياسيين يفهمون السلطة فهما قاصرا وذلك باختزالها التعسفي في الحكم الإداري، وإصدار التعليمات، وعقد المهرجانات الموسمية وإلقاء الخطب أثناء الانتخابات التي تزوّر باستمرار، علما أن السلطة مفهوم مركب ومتعدّد الأبعاد وليس ذا بعد سياسي وتنفيذي فقط. وهكذا تكون السياسة سلطة، وتكون الإدارة سلطة، ويكون التراث سلطة، وتكون القيم الاجتماعية سلطة وتكون الأيديولوجيا الدنيوية أو الدينية سلطة وهلمّ جرا.

للمزيد: إعلام… وسلطة الجزائر خارج القانون..!

ومن هنا فإن تحليل هذه السلطة المركبة وأبنيتها المادية والثقافية والفكرية والنفسية ليس أمرا هينا، وأكثر من ذلك فإن السلطة لا تظهر على السطح دائما، بل هي موجودة في المناطق اللامرئية من ذواتنا، وتسكن في لاوعينا الفردي أو الجمعي.
وجرّاء هذا فإن سلطة القيم الموروثة والمغروسة فينا لا ندركها دائما بسهولة علما أنها هي التي تحركنا وتشكل شخصيتنا، وفي الغالب نعيد إنتاجها بلا وعي، والدليل على ذلك هو أن تغيير القيم، والبنيات الثقافية، والوعي، ومخزون اللاوعي لا تحدث ببساطة وفي لحظة من الزمان أو موسم.
إنه يمكن لنا أن نستبدل عمارة سكنية بعمارة أخرى في ظرف زمني قياسي إذا توفرت الإمكانيات المادية والمعرفة المعمارية، كما يمكن لنا أن نشيّد مصنعا لإنتاج الدراجات محل مصنع لإنتاج المعلبات، ولكن استئصال أنماط التفكير البالية وإحلال أخرى متقدمة وحداثية محلها مسألة صعبة ومعقدة ودرامية حقا وهي عملية شاقة وطويلة المدى وأحيانا لا تنجح إلا جزئيا.
لا شك أن علاقة المثقفين بالسياسيين من أكثر العلاقات تعقيدا كما أنه من المعروف أن السياسي براغماتي بطبعه الاستعجالي وهو يتعامل مع المشكلات في اللحظة الآنية، ولكن المثقفين يتعاملون مع الأفكار والقضايا الكبرى ذات الصلة بمسار التاريخ والحضارة.
ومع الأسف فإن أهل السياسة عندنا لا يريدون أن يقبلوا بدور المثقفين كفاعلين تاريخيين وكمهندسين للروح والفكر والثقافة والسياسة المتحضرة.

* كاتب من الجزائر/”العرب”

اقرأ أيضا

غوتيريش يؤكد دور الجزائر بصفتها طرفا رئيسيا في النزاع حول الصحراء المغربية

في تقريره السنوي إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، ذكر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالبلاغ الصادر عن وزارة الخارجية الجزائرية بتاريخ 25 يوليوز الماضي، أعربت فيه عن “استنكارها الشديد” عقب قرار فرنسا دعم سيادة المغرب على صحرائه، والذي وصفه الجانب الجزائري بـ”غير المنتظر وغير الموفق وغير المجدي”.

“القوة الضاربة”.. القمل يغزو رؤوس التلاميذ في المدارس الجزائرية

تشهد العديد من المؤسسات التربوية في الجارة الشرقية غزوا من القمل، الذي اجتاح رؤوس التلاميذ، مخلفا حيرة وسط الأولياء، الذين دخلوا في مواجهة ضد هذه الحشرة المعروفة بسرعة تنقلها. وأوضحت وسائل إعلام محلية أن الكثير من المدارس في "القوة الضاربة"،

بسبب وقف صادراتها.. الجزائر تنبطح للضغوطات وتفاوض الاتحاد الأوروبي

بعد مخالفة الجزائر لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الجاري به العمل منذ سنة 2005، أكد وزير خارجية الجزائر، أحمد عطاف، أن بلاده بصدد التفاوض مع الاتحاد لتفادي اللجوء إلى التحكيم الدولي، الذي لوحت به المفوضية الأوروبية منذ ثلاثة أشهر، على إثر وقف الجزائر صادرات دول الاتحاد إليها.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *