بات، پيدرو سانشيث، امين عام الاشتراكي العمالي الاسباني، قريبا من باب قصر لامنكلوا، بعد ان نجح نسبيا في تذليل بعض الصعوبات داخل وخارج حزبه.
وساعدت عدة عوامل، الزعيم الاشتراكي لتحقيق طموحه الشخصي وليس هدف حزبه، بينها اقتناع اكثر الفاعلين ان، ماريانو راخوي، رئيس الحزب الشعبي،لا يناسب، كرئيس للحكومة، المرحلة الدقيقة التي تجتازها إسپانيا والتي تتطلب قيادة جديدة، على مسافة بعيدة او قريبة من انتظارات الناخبين الاسبان المعبر عنها ليلة العشرين من الشهر الماضي (ديسمبر) والتي افرزت خارطة سياسية مغايرة لما الفه الاسبان منذ حوالي اربعة عقود.
ويبدو ان، سانشيث، في طريقه الى ضمان اغلبية نسبية، بعد هدوء الاجواء بينه وبين حزب “پوديموس” وهذا الاخير بات من جهته، مقتنعا بضرورة تبني مواقف پراغماتية معتدلة، خشية ان ينظر اليه الرأي العام كمعرقل لتشكيل حكومة تنتظرها ملفات واصلاحات كبرى، بدأ غيابها يؤثر على الاقتصاد والنشاط المالي وصورة إسبانيا في الخارج.
ولا تعرف تفاصيل الاتفاق المبدئي الذي توصل اليه زعيما الاشتراكي وپوديموس، وخاصة ما يتعلق بموقف الثاني من التوجه الانفصالي في اقليم كاتالونيا الذي اعتبره سانشيث في تصريحات سابقة، العقبة الوحيدة في طريق التحالف مع، پابلو إيغليسياس، في حكومة واحدة.
إقرأ أيضا: اشتراكي”باسكي” لرئاسة البرلمان الاسباني وسحب كثيفة في الأفق!!!
وظهرت إشارات محتشمة توحي ان، بوديموس، يستعد لتليين موقفه من مسألة الانفصال مقابل وعد من، سانشيث، بتطبيق بقية الاصلاحات التي دافع عنها الحزب الوافد في حملته الانتخابية وضمنها مراجعة الدستور، لكي تتضمن الصيغة المعدلة رؤية جديدة للعلاقة بين السلطة المركزية في مدريد والحكومات المسيرة ذاتيا في الجهات الاسبانية، ما يمكن ان يمهد لقيام نظام فيدرالي في اسبانيا،لا سيما وان نظام الجهات الحالي، يحمل في بنياته ملامح فيدرالية قابلة للتطوير.
ويبدو ان امين عام الاشتراكيين استفاد من عامل آخر يتمثل في تخوف كافة الاحزاب من اعادة الانتخابات التشريعية، اذ يرفض الاسبان، وفق استطلاعات للراي، التوجه ثانية لصناديق الاقتراع التي يحتمل ان تكرر نفس المشهد الحالي، تدخل البلاد بعده في ازمة عميقة.
وبرأي ملاحظين، فان الأسباب التي يعول عليها، سانشيث، لتشكيل حكومة يسارية تقدمية، غير كافية ولا تضمن له بالتالي فريقا منسجما، بالنظر الى التباينات بينه وبين پوديموس، من جهة فضلا عن الاحزاب القومية التي ستكمل اغلبيته.
ويتوقع مراقبون ان تبرز خلافات بين الركنين الحزبيين الكبيرين، بخصوص توزيع الحقائب السيادية في الحكومة المنتظرة: الدفاع، الداخلية، الخارجية والمالية وكذا ادارة الاستخبارات. فهل ستسمح الدولة العميقة باختراق، پوديموس، مفاصل الدولة وهو الذي يضم في صفوفه بعض الفوضويين، من تحدثت تقارير عن ارتباطاتهم المشبوهة بالخارج (إيران وفنزويلا) على سبيل المثال. ومن يدري فقد تندلع فضائح أخرى، تطيح بالتحالف الحكومي!
وفي هذا السياق، لا يستبعد ظهور عناصر جديدة تعيد الازمة الى المربع الاول، لينطلق البحث عن سيناريو جديد من قبيل التفكير في شخصية جديدة لرئاسة الحكومة تكون مقبولة من القوى الحزبية المؤثرة.
الى ذلك لا يزال حزب، ثيودادنوس، عند اعتقاده ان التحالف الممكن هو بين الاشتراكي والحزب الشعبي. وترك زعيم الحزب،البرت ريڤيرا، الباب مفتوحا، في حوار صحافي، امام سيناريو الاستعانة بشخصية جديدة لقيادة التحالف المنطقي والمعقول من وجهة نظره لعبور المرحلة الانتقالية الصعبة. التشويق مستمر في هذا المسلسل الاسباني المثير.