أعاد ملك اسبانيا الكرة، الى الأحزاب السياسية التي لم تتفق على تشكيل حكومة تنتظرها البلاد منذ إجراء الانتخابات التشريعية يوم 20 ديسمبر الماضي التي لم تمنح الأغلبية المطلقة لحزب .
وورد في بلاغ صدر عن القصر الملكي “لا ثرثويلا” زوال اليوم أن ملك اسبانيا لا يجد في الظرف الحالي ما يبرر إجراء مشاورات جديدة مع الأحزاب السياسية لاستكشاف مواقفها من مرشح جديد يعهد اليه الملك تشكيل حكومة بعد فشل المحاولة التي قام زعيم الحزب الاشتراكي ،پيدرو سانشيث، الذي لم يصوت لصالحه سوى حزبه وحزب ثيودادانوس بعدما وقع الاثنان اتفاقا يعتبر ارضية للحكومة الجديدة .
للمزيد:الانتخابات الإسبانية..نهاية عهد الثنائية الحزبية
وتكرر نفس المشهد الرافض ليلة الجمعة الماضية فلم ينل سانشيث سوى صوت واحد جديد زيادة على الأصوات 130 مجموع الاشتراكي وثيودادانوس .
وقال رئيس مجلس النواب، پاكسي لوبيث، الذي استقبله ملك اسبانيا فيليبي لمدة نصف ساعة، انه سيبقى على اتصال مع رئيس الدولة وسيطلعه على نتيجة المشاورات التي سنتتهي اليها الأحزاب السياسية .
وبات واضحا أن حزب، پوديموس، الذي خاض الانتخابات بشعارات إصلاحية لدرجة ادعائه الانتساب الى الديمقراطية الاجتماعية ثم انقلب عليها هو الذي يدق المسامير في عجلات حكومة المستقبل ،إذا لم يستجب الشركاء الحزبيون المحتملون الى شروطه التعجيزية من قبيل ” الڤيتو” على حزب ثيودادانوس ، اذ يعتبره، پابلو ايغليسياس ، امتدادا للحزب الشعبي اليميني، لكنه لم يجد غضاضة في التصويت مع هذا الأخير مرتين لإجهاض محاولة الزعيم الاشتراكي بينما كان بامكانه ان يتغيب عن جلسة التنصيب الثانية في البرلمان أو يمتنع عن التصويت وبالتالي يحصل سانشيث على الأغلبية النسبية ويقطع الطريق نهائيا على ما ريانو راخوي وتنتهي الأزمة .
لكن الزعيم الشاب اختار ارباك الحياة السياسية بإطلاق تصريحات متناقضة ، تارة يقول إن يد حزبه ممدودة للحزب الاشتراكي ليتفاوض معه لتشكيل أغلبية يصر، پوديموس، أن تكون يسارية تقدمية غير عابئ بقوة الاحزاب الاخرى وخاصة الشعبي وثيودادنوس اللذين يتوفران على 163 نائبا في البرلمان .
وبدلا منهما يبحث، پوديموس، عن المساندة لدى الأحزاب القومية الصغرى التي لا يوحدها برنامج ويدعم اغلبها انفصال اقليم كاتالونيا ما يمهد الطريق لكيانات اقليمية اخرى للسير وفق نفس الخطى الانفصالية .
ومن جهته ، جدد ماريانو راخوي رئيس الحكومة المنتهية ولايتها ،الإصرار على حقه الدستوري في رئاسة الحكومة ، وكذا رغبته في الترشح لذات المنصب في حال اجراء انتخابات تشريعية جديدة يوم 26 يونيو القادم ، في حين يرى محللون انه خسر الخسران المبين بسبب فضائح الفساد والرشوة التي تفشت في حزبه يستحيل معها تدبيره للشأن العام حسبما أبرزت ذلك استطلاعات للرأي.
وبالتالي لا تبدو في الأفق اية فرصة ليقود راخوي الحكومة الجديدة ، فهو وحده في الميدان لم ينل المساندة من أي حزب ، خلاف المرشح الاشتراكي الذي جمع 131 صوتا ، ما يؤهله لتكليفه ثانية ،بينما يعترض راخوي وانه الأولى طبقا للدستور .وبالتالي فان راخوي وسانشيث محاصران بأصوات ،پوديموس، إضافة إلى الأحزاب القومية واليسارية التي يرفض التحالف معها الحزبان الشعبي والاشتراكي .
وفي وقت تتجه فيه البلاد نحو صناديق الاقتراع ، يتميز المشهد السياسي بمفارقات غريبة ، فالأحزاب كلها لا تحبذ دعوة الناخبين مجددا ،خوفا من المفاجأت او استمرار الوضع على حاله اي استنساخ نتيجة 20 ديسمبر الماضي مع تغييرات طفيفة . و من الأحزاب من يخشى عقاب المصوتين .
وفي هذا الصدد، أشارت استطلاعات الرأي الى أن الناخبين ضاقوا ذرعا بالعراقيل التي وضعها حزب بوديموس في الطريق حيث ان نصف من صوتوا عليه ينتقدون أسلوبه في عرقلة المشاورات .
ويرى معلقون أن الناخبين الذين منحوا دعمهم لمرشحي بوديموس ، ربما اكتشفوا بعض المواقف العبثية أن لم تكن الخادعة ، دون مراعاة المصالح العليا للبلاد واحترام إرادة الناخبين الذين عبروا عن الرغبة في حكومة تعددية وحكموا بالموت على الثنائية القديمة .
روابط ذات صلة:“راخوي ” انتهى زمنه السياسي وحزبه يتبنى نفس موقف “بوديموس”؟