ظهرت مؤشرات خلاف عميق في الرأي بين قادة حزب، پوديموس، يحتمل أن تكون لها تداعيات على مستقبل الحركة التي أوقفت العجلة السياسية في إسپانيا، نتيجة اشتراطاتها التعجيزية للدخول في تحالف حكومي مع الحزب الاشتراكي يقطع الطريق على عودة الحزب الشعبي لرئاسة الحكومة في شخص رئيسه ما ريانو راخوي.
وطبقا لما أوردته صحف إسبانية صباح اليوم الاربعاء، فان الحركة تواجه صعوبات جمة على صعيد الأقاليم والعاصمة مدريد وإقليم كاتالونيا، حيث برز ما يمكن ان يعتبر “عصيانا” على القيادة المركزية وإشهارا للخلاف مع الأمين العام الذي توجه له انتقادات تتعلق بأسلوب تدبيره للشأن الحزبي وخاصة جولات التفاوض مع الحزب الاشتراكي العمالي حيث اتسمت مواقف پابلو إيغليسياس، بما يعتبره محللون رعونة في أسلوب التعامل واعتدادا مفرطا بالنفس وتصلبا في الموقف من الأحزاب الأخرى حد التنقيص منها مثل سلوكه مع “ثيودادنوس” الذي يصنفه ايغليسياس، في صف الحزب الشعبي، وهو ما لا يوافقه عليه احد والفرق واضح بين الحزبين بخصوص الإصلاحات المؤسساتية والتوجهات الاقتصادية وتحديث منظومة الحكم.
ويقول منتقدو زعيم، بوديموس، من الداخل إن التفاوض من أجل تشكيل الحكومة يجب ان يتسم بالمرونة ولو أدى الحال الى تنازلات معقولة،على اعتبار ان الناخبين الاسبان يتطلعون لحكومة تغيير حقيقي؛ واذا استمر، پوديموس، في الرفض المنهجي، فانه يسهل عودة اليمين الى قصر “لا منكلوا” أو جر البلاد الى أزمة سياسية مزمنة.
ويبدو من تقارير صحافية متوافقة أن الخلاف الداخلي بين قادة، پوديموس، يشمل أيضا المرجعية الإيديولوجية، بعد أن ظهرت على السطح علامات عدم انسجام وتنسيق في المواقف وكيفية التعبير عنها في التصريحات والخطابات الحزبية، ما أدى الى تبلور تيارين كبيرين متعارضين الى حد ما، يلتفان حول ايغليسياس ونائبه “انييغي إيريخون.
وتجلى الاستقطاب في استقالة المسؤول عن التنظيم في جهة مدريد الفونصو ديلغادو، المحسوب على اريخون، ما اعتبر ضربة للتنظيم ولزعيمه شخصيا، بالنظر الى ان القيادي المستقيل من المؤسسين الأوائل للحركة.
إقرأ أيضا: ملك اسبانيا يعيد الكرة إلى الأحزاب ومناورات “پوديموس” مكشوفة
وفي برشلونة، اتخذت عمدتها ادا كولاو، مسافة من قيادة بوديموس المركزية، وقد تتجه نحو تأسيس تنظيم إقليمي، بعد تحالفها في الانتخابات الأخيرة مع پوديموس.
وعبرت فروع الحزب في أقاليم أخرى (المجموع ستة)عن نفس التوجه الراغب في نوع من الاستقلال عن القيادة الوطنية لتحتفظ لنفسها بحرية تدبير الشأن الحزبي المحلي وفق الخصوصيات التي تميزها عن الأقاليم الأخرى.
وفي نفس السياق، نشرت جريدة “الپاييس” يومه الأربعاء، ملخص وثيقة حزبية داخلية تقول انها اطلعت على محتواها.وتتحدث عن كيفية صناعة زعيم، پوديموس، بابلو ايغليسياس، وشروط تهييئه ليصبح رئيسا محتملا للحكومة في المستقبل البعيد.
وألزم محررو التقرير، وهم خبراء في التواصل ومواصفات الزعامة، پابلو ايغليسياس، بالتخلي عن سلوك الاعتداد المفرط بالنفس والتصرف بكيفية طبيعية وتلقائية، بعيدا عن التصنع والظهور بمظهر مفتعل.
ولاحظ الخبراء ان ايغليسياس، كان في بداياته إنسانا عاديا يتحدث إلى أناس عاديين مثله، أما الآن فقد تغير إذ يحضر اللقاءات والتظاهرات الجماهيرية محاطا بمساعديه، ما يعطي الانطباع انه يتنقل وسط حراسة مشددة من الأقربين تحول دون اقتراب الناس منه وبالتالي إبعاد وسائل الإعلام عنه.
وتعرض التقرير الى علاقات، ايغليسياس، وبعض رفاقه المؤسسين للحزب، مع نظام ديكتاتور فنزويلا الراحل “هو غو شاڤيس” فذكروا ان تلك الصلات سببت إحراجا كبيرا للحركة وألحقت ضررا بها.
وخلص التقرير الى توجيه نصيحة الى الزعيم، مفادها ان يتعامل مع الناس كما هو، وان يستعيد صورته وسلوكه القديم في الماضي.
الى ذلك وفي تطور جديد، دعا التيار المضاد للرأسمالية في حزب “پوديموس” الى وقف التشاور مع الحزب الاشتراكي العمالي متهما زعيمه پيدرو سانشيث بانه شريك متقلب لا يمكن الثقة به.
وأضافت المجموعة اليسارية المتطرفة التي شكلت النواة الصلبة لپوديموس انه يجب الدفع نحو اجراء انتخابات تشريعية جديدة في شهر يونيو المقبل وانه يجب وضع حد للمحاولات الجارية بغية إصلاح النظام الحالي وإنقاذه٠
وإذا استجاب، ايغليسياس، لنداء الراديكاليين في حزبه فيمكن ان تنتج عن ذلك احتمالات قيام تحالف كبير بين الاشتراكيين وثيودادانوس والحزب الشعبي بدون، ما ريانو راخوي، او يقبل حزبه بالانتقال الى المعارضة الوطنية وتأييد الإصلاحات الكبرى. اما الاحتمال الثالث فهو إدخال البلاد في أزمة تاريخية بالنظر الى ان انتخابات يونيو، ستعيد نفس المشهد الحزبي.
يبقى احتمال رابع يتمثل في حدوث انشقاق في صفوف حركة، پوديموس، يمكن ان يضعفها فتتراجع نتائجها في الاستحقاقات المقبلة او تسهل حاليا قيام حكومة جديدة.