تسارعت خطوات السياسيين الاسبان، في اليوم الاخير من جولة المشاورات التي اجراها عاهل البلاد مع قادة الاحزاب الممثلة في البرلمان، من صغيرها الى كبيرها؛ في افق تكليف من ستؤول اليه رئاسة الجهاز التنفيذي، خلال السنوات الاربع القادمة.
ويختم الملك، فيليپ السادس، مشاوراته هذا اليوم، باستقبال رئيس الحكومة المنتهية ولايته، ما ريانو راخوي، الذي سيكلفه على الارجح، بتجريب حظه لتشكيل حكومة، رغم المصاعب التي يواجهها المرشح الذي تتوافر فيه الشروط التي يحددها الدستور الاسباني، كون حزبه المتصدر لنتائج الانتخابات التشريعية الاخيرة.
وتركزت الانظار صباح اليوم الجمعة على القصر الملكي “لا ثرثويلا” الذي دخله لاول مرة زعيم پوديموس، بابلو ايغليسياس، بمثل الزي الذي يرتديه عادة في التجمعات الشعبية (انظر الصورة) غير عابئ بتقاليد البروتوكول التي احترمها السياسيون الذين استقبلهم الملك فيليپي، قبله؛ فكلهم ارتدوا بذلات أنيقة مع ربطة عنق مناسبة، بمن فيهم رئيس حزب اليسار الموحد (مقعدان في البرلمان)،
وافصح، ايغليسياس، في معرض تصريحات ادلى بها عقب الاستقبال الملكي، عن رغبته في ممارسة السلطة في حكومة ائتلافية يرأسها أمين عام الحزب الاشتراكي العمالي، على ان يتولى فيها، ايغليسياس، منصب النائب الاول لرئيس الوزراء، في اشارة واضحة الى تقاسم دقيق للسلطة وشراكة تامة في اتخاذ القرار، وليس باعتبار نائب الرئيس مجرد مساعد للمسؤول الاول في الحكومة.
وفضل زعيم پوديموس ان يصارح الصحافيين بما يفكر فيه حزبه وبما عرضه امام الملك، ليضع حدا للتسريبات غير الامينة، قائلا انه بهذا السلوك اصر على ان يكون الملك اول من يطلع على مقترحات وشروط بوديموس للتحالف مع الحزب الاشتراكي، مؤكدا بذلك ولاءه للمؤسسات الدستورية.
وهذا تطور لافت، في نظرة ايغليسياس، يوحي ظاهريا باحترامه للمؤسسة الملكية، خلافا لما صدر عنه في الماضي من مواقف محبذة لقيام الجمهورية بعد استفتاء الشعب الاسباني على ذلك.
وعرض زعيم پوديموس، على حليفه المحتمل، البدء في التفاوض واعداد الترتيبات وضبط التدابير والاجندة الاجتماعية التي ينبغي الاعتكاف عليها لتكون محور العمل الحكومي خلال المائة يوم الاولى من عمر الجهاز التنفيذي.
وحدد ايغليسياس، المجالات الاساسية التي يجب، من وجهة نظره، ان تشتغل عليها الحكومة المقبلة وهي: العدل، الداخلية، الدفاع والخارجية، الى جانب ورش اصلاح النظام الانتخابي، مشددا على طابع العدالة الاجتماعية للسياسات.
وقال زعيم بوديموس، ان القياديين في حزبه الذين حضروا الى جانبه خلال لقائه مع وسائل الاعلام، في مقر مجلس النواب، سيشاركون في جلسات التفاوض ووضع اللمسات على البرنامج الحكومي، مبرزا ان بعضهم سيتولون حقائب في التشكيلة المحتملة.
واثارت تصريحات زعيم بوديموس، ردود فعل اولية من الحزب الشعبي المرشح الاول لتشكيل الحكومة، فقد صرح المسؤول عن التنظيم في حزب، ماريانو راخوي،ان هذا الاخير، سيفاجي زعيم الحزب الاشتراكي، بعرض سخي وشجاع وتوافقي، دون ان يحدد طبيعته، معربا عن الاعتقاد ان التحالف الطبيعي من المنطقي ان يكون ثلاثيا بين حزبه والاشتراكي وثيودادانوس، لما بينهم من قواسم مشتركة وخاصة ما يتعلق بوحدة مكونات الشعب الاسباني والتراب الوطني.
إقرأ أيضا: اشتراكي”باسكي” لرئاسة البرلمان الاسباني وسحب كثيفة في الأفق!!!
الى ذلك، خرج الامين العام للحزب ورئيس الوزراء الاشتراكي السابق، الفريدو روبالكابا، عن صمته وأعلن معارضة الاشتراكيين لاجراء استفتاء تقرير المصير في كاتالونيا او غيرها من الجهات الاسبانية، موضحا ان حزبه لم ولن يؤيد ذلك المسعى، ماضيا وحاضرا ومستقبلا.
واختار، روبالكابا، وهو أحد حكماء الحزب، وتقلد مسؤليات كبيرة الى جانب الزعيم التاريخي، فيليپي غونثالث، ثم خوصي لويس ثباطيرو، الذي ورث عنه المسؤولية التاريخية عقب استقالته جراء الازمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد في ظل حكومته.
ويعتبر موقف، روبالكابا، الذي اختار وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن رأيه، مؤشرا على عدم رضى قيادات وازنة في الحزب الاشتراكي على النهج الذي يصر امينه العام الحالي، پيدرو سانشيث، على المضي فيه واضعا يده في يد تنظيم، پوديموس، الفتي القليل الخبرة بتدبير الشأن العام داخليا وخارجيا والذي لم يعارض حتى الان توجهات الانفصاليين في كاتالونيا.
وفي هذا الصدد، خصصت الصحافة الاسبانية في الايام الاخيرة مساحات ضافية للحديث عن ارتباطات قادة، پوديموس، بالنظام الفنزويلي على عهد الديكتاتور الراحل هوغو شافيس، وكذا خلفه، مادورو. وتساءلت ذات الصحف ان كان ايغليسياس ورفاقه قد فكوا ارتباطهم المريب بالانظمة التي تزعم انها ثورية معادية للراسمالية مثل ايران وفنزويلاز.