نبدأ فقرة من قلب الصحراء للتعريف بالموروث الثقافي الصحراوي من عادات اجتماعية، وتقاليد وتاريخ مدن الصحراء المغربية.
وسيسلط حاتم الوالي الباحث في ثقافة وتاريخ الصحراء، الضوء على أهم معالم الموروث الثقافي لمغاربة الصحراء.
مدينة السمارة: تاريخ عريق وموقع استراتيجي
تُعتبر مدينة السمارة واحدة من أبرز المدن في الصحراء المغربية ومسقط رأس قبيلة الشرفاء الرݣيبات، حيث تقع المدينة في أقصى الجنوب الشرقي للمغرب، وتحدها من الشرق والجنوب موريتانيا، ومن الغرب إقليم العيون، ومن الشمال أقاليم طانطان وأسا الزاك.
وحسب الوالي يرجح أن إسم السمارة يعود إلى روايتين تاريخيتين: الأول هو وجود نبات يُسمى “اسمار” ينمو في قعر “واد سلوان”، أحد روافد “واد الساقية الحمراء”، بينما تشير الرواية الثانية إلى الصخور السوداء (L’ardoise) التي تنتشر بكثرة في المنطقة، والتي استُخدمت كمواد للبناء.
واكتسبت السمارة مكانة بارزة في تاريخ الصحراء بفضل موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين شمال المملكة وجنوبها. السمارة مكانة بارزة في تاريخ الصحراء بفضل موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين شمال المملكة وجنوبها.
وقد حظيت المدينة باهتمام خاص من قِبل ملوك الدولة العلوية، حيث اتخذها السلطان مولاي الحسن الأول قاعدة للجهاد، ودعم الدفاع عن المناطق الجنوبية ضد الأطماع الخارجية.
كما دعم السلطان مولاي عبد العزيز الشيخ ماء العينين في بناء زاويته بالسمارة، حيث أرسل مواد البناء من ميناء الصويرة إلى طرفاية، بالإضافة إلى إيفاد مهندسين لتنفيذ المشروع. وهكذا، أصبحت السمارة مركزًا للإشعاع الديني والجهادي.
السمارة قبلة لأهل العلم
ويؤكد الباحث الوالي لمشاهد 24 أن السمارة كانت عبر التاريخ مكانًا يقصده الصلحاء والمتصوفة، بفضل موقعها الجغرافي وسط ترسبات وادي الساقية الحمراء وروافده مثل واد سلوان والحبشي، والتي توفر الكلأ والماء للزائرين.
وقد استقر بها العديد من الأولياء، مثل الشيخ أحمد الرقيبي، الذي يُعتبر أحد أبرز الشخصيات الروحية في المنطقة، هذه الشخصية الفدة التي أثرت في مجاله بفضل كراماته التي تتحدث عنها الألسن في كل زمان وطُبعت في المخيال الشعبي الصحراوي.
وتحتوي السمارة على العديد من المعالم الأثرية، منها:
• النقوش الصخرية: تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وتوجد في مواقع مثل ميران والفارسية وحوزة ووادي سلوان.
• زاوية الشيخ ماء العينين: بُنيت بين عامي 1898 و1904 بدعم من السلطان مولاي عبد العزيز.
• المسجد العتيق: يقع في وسط المدينة ويُعتبر نموذجًا رائعًا للعمارة الإسلامية.
كما يتميز إقليم السمارة بتضاريسه الفريدة، مثل الحمادات والطبيلة ووادي الساقية الحمراء، بالإضافة إلى أشجار الطلح التي تجعل منه وجهة سياحية واعدة لمحبي الاستكشاف والمغامرة.