فقرة من قلب الصحراء تهتم بالتعريف بالموروث الثقافي الصحراوي من عادات اجتماعية، وتقاليد وتاريخ مدن الصحراء المغربية.
وسيسلط الدكتور نور الدين بلحداد المتخصص في تاريخ الصحراء المغربية في الحلقة السابعة، الضوء على البيعة التاريخية لأهل الصحراء المغربية لسلاطين المملكة.
بيعات القبائل الصحراوية لسلاطين المغرب
أوضح بلحداد لمشاهد 24 أن الروابط بين ملوك وسلاطين المملكة المغربية ، وقبائل الصحراء المغربية كبيرة، ويبرزها عامل البيعة الشرعية.
وأشار بلحداد أن البيعة هي عقد يلتزم فيه طرفاه بما التزما به، فطرف يلتزم بتقديم الطاعة والولاء والامتثال في المنشط والمكره، وفي العسر واليسر، وطرف يلتزم بالعمل على تطبيق شريعة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وسنعرض بعض البيعات المقدمة من القبائل الصحراوية لبعض سلاطين المملكة المغربية:
1- بيعة قبائل أهل الساحل والقبلة ودليم وبربوش والنغافرة ووادي مطاع وجرار وغيرهم، للمولى إسماعيل، وكان ذلك سنة 1089هـ/ 1678م عندما غزا صحراء السوس، فبلغ أقا وطاطا وتيشيت وشنجيط وتخوم السودان، وقد تزوج آنذاك المولى إسماعيل السيدة الحرة خناثة بنت الشيخ بكار المغفري.
2- بيعة أهل توات للسلطان عبد الملك بن مولاي إسماعيل سنة 1140هـ / 1728م.
3- بيعة للسلطان مولاي عبد الرحمان بن هشام بمبادرة أحد الشيوخ الأعلام من صحراء شنكيط، وهو ابن طوير الجنة الطالب أحمد المصطفى الشنكيطي التشيني الوداني.
4- بيعة لمولاي عبد الرحمان أيضا من الشيخ المختار الكنتي الحفيد ابن محمد بن المختار.
5- بيعة لمولاي عبد الرحمان أيضا للشيخ أحمد البكاي بن محمد بن المختار الكنتي.
6- بيعة للسلطان محمد الرابع من إمام تندوف الشيخ محمد المختار ابن الأعمش الجنكي، وفيها يعلن عن بيعة الإقليم للسلطان العلوي محمد الرابع.
7- بيعات الشيخ ماء العينين إلى السلاطين المغاربة، والذي كانت علاقاته بالحكومة الشريفة على أحسن وجه، ذلك أنه كان يعتبر فيما بين سنتي 1888 و1900 نائبا للمخزن في الصحراء لا فرق بينه وبين نواب السلطان في مراكش ومكناس وتافيلالت.
ومن خلال المثال الأخير، نلاحظ مدى ارتباط هذا الشيخ (ماء العينين) الذي يعتبر من بين الشخصيات الهامة والبارزة في الصحراء بالملوك العلويين، حيث اتصل أولا بالمولى عبد الرحمان بن هشام، ثم بابنه محمد الرابع، ثم بالحسن الأول، ثم بالمولى عبد العزيز، ثم بالمولى عبد الحفيظ، مما يجعلنا نؤمن بمدى العلاقات التي تجعل الطرفين يرتبطان ارتباطا عميقا، الشيء الذي يدحض كثيرا من الأقاويل المفتعلة ضد سيادة المغرب على صحرائه.
تدين أهل الصحراء المغربية
وأشار بلحداد أن من أهم المظاهر الدينية ختام الصحراويين أدعيتهم وصلواتهم بالدعاء للسلطان لاسيما في صلاة الجمعة، والتوحد المذهبي للصحراء مع باقي المناطق المغربية تحت لواء المالكية والأشعرية والتصوف الجنيدي، وهو أمر أكدته البحوث، وأقرت أنه كان من البديهيات في الصحراء .
وأوضح أن السلاطين المغاربة كانوا حريصين من جهتهم على نشر العلم والدين في تلك البقاع، وقد منحوا ظهائر توقير واحترام للزوايا الصوفية الصحراوية كالزاوية المعينية والزاوية البصيرية، وللشيوخ الصحراويين الذين يقومون بهذه المهمة الجليلة كتلك التي تمنح لنظرائهم بشمال المغرب.
وأكد في الأخير أن السلطان مولاي الحسن وجه ظهيرا إلى كافة أهل تجَكانت يُذَكّرهم فيه بالشروط الشرعية والسنية المطلوبة لقيام شعائر الجمعة، بعدما استأذنوه في بناء مسجد متصل بأبنيتهم من أجل إقامة صلاة الجمعة، كما أكد في الظهير الذي أسدل به أردية التوقير والاحترام على أهل دار بالأعمش وأبوجارات من أهل تجكانت، أنه قام بذلك تعظيما لهم، ولكون دارهم كانت قديما وحديثا، دار علم وصلاح.