ما كادت تمر بضعة أيام على تخليد التونسيين للذكرى الخامسة لثورتهم، والتي عرفت في يناير 2011 فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي، حتى اندلعت احتجاجات كبيرة في مناطق مختلفة من البلاد.
مطالب المحتجين لم تختلف عن المطالب التي رفعت بداية الأمر في سيدي بوزيد نهاية 2010، حين أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه.
الأصوات ارتفعت مجددا للمطالبة بالشغل وظروف عيش أفضل. الغضب انطلق من ولاية القصرين بعد وفاة شاب في الثامنة والعشرين من عمره، بعد إصابته بصعقة كهربائية، ما أشعل فتيل مظاهرات غاضبة.
الشاب حرم من وظيفة في القطاع العمومي، بحسب ما أكدته صحف تونسية، بعدما تم الشطب على اسمه من امتحان للولوج إلى الوظيفة لصالح مرشح آخر من قبل مسؤول كبير في المنطقة.
وبالرغم من إقالة المسؤول المذكور، لم تهدأ عاصفة الاحتجاجات التي انتشرت بسرعة وانتقلت إلى مدن أخرى.
محيط تونس العاصمة لم يسلم بدوره من موجة الغضب التي اجتاحت تونس، خصوصا مدينة التضامن التي تعتبر من أكثر مناطق العاصمة فقرا. المدينة شهدت أعمال شغب وتخريب، في ظل التوتر سيد الموقف إلى غاية ساعات فجر اليوم الجمعة.
إقرأ أيضا:بالرغم من جائزة نوبل..الديمقراطية التونسية تحت تهديد الإرهاب
أما في قلب العاصمة، وفي شارعها الرئيسي الحبيب بورقيبة، فقد خرج المتظاهرون لانتقاد السلطات وإعلان تضامنهم مع المحتجين في مناطق مختلفة من البلاد.
عودة الاحتجاجات الاجتماعية بهذا الشكل في مناطق عدة في تونس تظهر بالنسبة للبعض مدى هشاشة الفترة الانتقالية التي تعيشها البلاد. فبالرغم من الثناء على التجربة الديمقراطية الوليدة في تونس من قبل جهات دولية عدة، يبدو أن البلاد ما تزال لم تعبر بحر الربيع العربي العاصف بأمان.
فرغم المكاسب السياسية التي حققتها تونس، ظل التعثر على المستوى الاقتصادي والاجتماعي هو السمة الغالبة لتونس ما بعد الثورة خلال خمس سنوات الماضية. الاستهداف المتكرر للجماعات الإرهابية للسياحة التونسية، عصب اقتصاد البلاد، عقد من مهمة الحكومة في مواجهة التحديات التي تعترضها.
العمليات الإرهابية دفعت السياح إلى هجرة الوجهة التونسية نحو مناطق أخرى، ما وضع البلاد في مأزق حقيقي بفعل تأثر الاستثمار الأجنبي بالوضع الأمني في تونس.
من جانب آخر، تأخرت الوعود الدولية لمساعدة تونس في تقديم ما هو منتظر منها، في حين وجدت الحكومة نفسها متهمة بعدم إحراز تقدم على مستوى المطالب الاجتماعية.