يسود قلق في تونس بشأن تعقب أنشطة الجمعيات المدافعة عن حقوق المهاجرين أو تلك التي تقدم لهم العون لمجابهة الظروف المعقدة المحيطة بحياتهم اليومية. ويثير إيقاف النشطاء وإخضاعهم للتحقيقات لأشهر دون توجيه تهم إليهم، الكثير من المخاوف.
فقد أوقفت السلطات التونسية مؤخرا الطبيب عبد الله السعيد، الذي وصل قبل ثلاثة عقود إلى تونس قادما من دولة تشاد ضمن برنامج تعاون دولي، ليقوم بتأسيس جمعية تعنى بأطفال القمر في مدينة مدنين جنوب البلاد، وهي تقدم أيضا من بين أنشطتها الإنسانية المساعدة لأبناء المهاجرين الوافدين من جنوبي الصحراء الذين تقطعت بهم السبل وفقدوا أولياء امورهم.
وإلى جانب الطبيب عبد الله، تم توقيف أربعة نشطاء آخرين في جمعية أطفال القمر وموظفين اثنين في بنك محلي في مدنين. ولم تتضح التهم الموجهة إليهم، ولكن وفق مصادر إعلامية، فإن التحقيقات تشمل التمويل والتحويلات الأجنبية التي تلقتها الجمعية، وهي التحقيقات نفسها التي طالت منظمات سابقة ناشطة في مجال الدفاع عن قضايا المهاجرين منذ أكثر من عام.
وتقبع في السجن أيضا سعدية مصباح، رئيسة “جمعية منامتي” وشريفة الرياحي رئيسة جمعية “تونس أرض اللجوء” والنشطاء محمد جوعو ومصطفى الجمالي وعبد الرزاق الكريمي، ولم تفض التحقيقات إلى اثبات جرائم أو توجيه تهم نهائية إليهم حتى الآن.
ويذكر أنه خلال أعوام قليلة استقطبت تونس الآلاف من المهاجرين اليائسين من دول افريقيا جنوب الصحراء الفقيرة، بهدف عبور البحر إلى السواحل الأوروبية. وأدى ذلك إلى حدوث تغييرات اجتماعية في عدد من المدن ولا سيما مدينة صفاقس الساحلية التي تمثل نقطة استقطاب أساسية للمهاجرين ومنصة رئيسية لمغادرة قوارب الهجرة.
وتخشى السلطات من أن تؤدي التدفقات المستمرة إلى حالة انفلات واسعة وعجز عن مجابهة أعداد كبيرة وترحيلهم في ظل غياب اتفاقيات ثنائية مع عدة دول افريقية.