خلف تصدر حزب “جبهة التحرير الوطني” الذي يقوده عمار سعداني، نتائج انتخابات التجديد النصفي بالبرلمان الجزائري، موجة من ردود الفعل المعارضة داخل الساحة السياسية، حيث أرجع العديد من خصوم الحزب، فوز الأخير بانتخابات مجلس الأمة إلى ما أسموه “الشكارة”.
وتمكن حزب سعداني، أمس الثلاثاء من الحصول على أغلبية المقاعد البرلمانية بنسبة 23 مقعدا من أصل 48، متبوعا بحزب التجمع الوطني الديموقراطي بمجموع 18 مقعدا، واحتل حزب الأحرار المرتبة الثالثة بـ 4 مقاعد، في الوقت الذي جاء فيه كل من حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحزب القوى الاشتراكية، والفجر الجديد في المرتبة الأخيرة بمعدل مقعد واحد لكل حزب.
هذا وأشارت عدد من الأحزاب بأصابع الاتهام إلى حزب التحرير الوطني باعتماد المال السياسي أو ما يطلق عليه “الشكارة”، للحصول على أعلى نسبة أصوات خلال الانتخابات التي عرفها مجلس الأمة يوم أمس الثلاثاء، حيث أشار رئيس حزب “جبهة المستقبل”، عبد العزيز بلعيد إلى أن الأحزاب الكبرى على غرار حزب سعداني، تعتمد “الشكارة” لشراء الأصوات خلال انتخابات المجلس.
وفي تصريحاته لصحيفة “هافينتون بوست” الإخبارية، أكد بلعيد أن عددا من الأحزاب الكبرى بالبلاد، تلجأ إلى المال السياسي الموجه لشراء الأصوات خلال انتخابات مجلس الأمة، للظفر بمقاعد داخل هذا الأخير.
وحسب بلعيد، كان اعتماد المال السياسي في الانتخابات الأخيرة جليا، موضحا ذلك بالقول ” لقد حسمت نتائج الانتخابات النصفية لمقاعد مجلس الأمة حتى قبل إجراء الاقتراع، حيث أن قراءة بسيطة لواقع المترشحين عبر الولايات تشير بشكل واضح إلى النتيجة المحسومة سلفا”.
هذا ويعتبر مصطلح “الشكارة” أو المال السياسي المخصص لشراء الأصوات خلال الانتخابات، من الأمور المتداولة في الساحة السياسية الجزائرية، والتي يعود التحدث عنها تزامنا مع كل انتخابات لممثلي البلاد داخل قبة البرلمان، حسب عدد من السياسيين الجزائريين.
“الشكارة”..جوكر الانتخابات
ولم يكن الأمين العام لحزب “جبهة المستقبل” الذي خاض في موضوع “المال السياسي”، حيث أكدت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون أن الساحة السياسية بالبلاد تضرب موعدا مع “الشكارة” كلما حان وقت الانتخابات.
وأشارت حنون إلى أن “حضور الشكارة أصبح يتزامن مع كل انتخابات بالجزائر، إلا أنها تظهر بشكل “فاضح” خلال انتخابات مجلس الأمة”، مضيفة أن نتائج الأخيرة تحسم لصالح “الأقوى ماليا”.
ولم تقف المرأة الأولى في حزب العمال، عند هذا التوضيح، بل أشارت بأصابع الاتهام إلى عدد من البرلمانيين باللجوء إلى أموال الشعب الجزائري للحصول على مقاعد داخل مجلس الأمة، مؤكدة أن “الغالبية يتحكمون بشكل أو بآخر في مؤسسات الدولة التي تُسير المال العام وبالتالي لابد من التحقيق في هذه القضية”.
المنهزمون فقط هم من يتحدثون عن “الشكارة”
وفي الوقت الذي توجه فيه أسهم الاتهام إلى الأحزاب الكبرى بالبلاد باعتماد “المال السياسي” للحصول على المقاعد البرلمانية، نفت سعيدة بوناب، النائبة عن حزب “جبهة التحرير الوطني” الأمر، مؤكدة أن انتخابات مجلس الأمة الأخيرة، تميزت بالشفافية والنزاهة المطلقة.
وأضافت بوناب أن تصدر حزبها لنتائج انتخابات البرلمان كانت نتيجة لـ ” تماسك أعضائه و ثمرة نضال محبيه”، مفندة بذلك الاتهامات التي وجهت إليه.
وفي حديثها عن “اعتماد الشكارة لشراء الأصوات” أشارت البرلمانية عن حزب سعداني، إلى رفضها التام لهذا المنطق والتسمية أيضا، كون “مصطلح الشكارة”، حسب قولها، جاء ليسيء ويلطخ المسار الانتخابي النزيه والشفاف بالجزائر.
وأكدت بوناب أن المنهزمين والغير قادرين على مجاراة فلسفة المنافسة هم فقط من يلجؤون إلى تبرير خسارتهم بالحديث عن “الشكارة”.
وفي نفس السياق، رفعت النائبة البرلمانية تحديا في وجه كل من يتهم حزب “جبهة التحرير الوطني”، وذلك بتقديم دليل حول صحة هذه الادعاءات وتورط حزبها في شراء أصوات الناخبين.
هذا ووقف عضو اللجنة المستقلة لـ “جبهة التحرير الوطني”، فرحات آرغيب إلى صف بوناب، مؤكدا أن ” رؤساء المجالس الشعبية البلدية وأعضاء المجالس الولائية، باعتبارهم ممثلي الشعب، هم من اختاروا وبكل شفافية أعضاء مجلس الأمة”.
وعلى غرار بوناب، أشار آرغيب أن المنهزمين فقط هم من يتحدثون عن استخدام الأحزاب الكبرى للمال السياسي، مضيفا أن “هدفهم هو إحداث الجلبة والفوضى لا أكثر”.
ملاسنات بين مناصري العمالقة
هذا ولم يقف الحديث عن انتخابات مجلس الأمة عند “الشكارة”، بل عرفت الانتخابات جلبة كبيرة، وذلك على خلفية المنافسة التي جمعت الأحزاب السياسية الكبرى، خاصة بين حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي.
وإلى ذلك، كانت عدة ولايات بالبلاد شاهدة على مواجهات وملاسنات حادة بين مناصري المترشحين، كان أبرزها ولايات “قسنطينة” و”عين الدفلى” و”عنابة”، التي شهدت صراعات وإطلاق للاتهامات بين مناصري المنتخبين في محيط مراكز الاقتراع.
وشهدت انتخابات مجلس الأمة تنافس نحو 40 ألف منتخب محلي عن 45 حزبا ممثلا داخل المجالس الولائية والشعبية والبلدية في الجزائر.
هذا ويتكون مجلس الأمة الجزائري من 144 عضوا، حيث يمثل 96 منهم ثلثي تشكيلة المجلس، والذين يتم انتخابهم عن طريق الاقتراع السري غبر المباشر، فيما يتكلف رئيس الجمهورية بتعيين الـ 48 عضوا المتبقين.