بعد ثلاثة أشهر من فوزه في الانتخابات التشريعية، لم يتمكن رئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران من تشكيل حكومته، ولم يستطع إلى حدود الساعة إيجاد توليفة تجمع الأحزاب التي ستشكل الائتلاف الحكومي المستقبلي والذي يراهن عليه الملك محمد السادس بشدة، وهو ما بدا واضح في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء الذي ألقاه من العاصمة السينيغالية دكار.
هذه الأزمة أو البلوكاج كما يسميها الشارع المغربي، ربما قد تتحول قريبا إلى أزمة سياسية خانقة تعطل معها عمل المؤسسات الدستورية بالمغرب، وتشل الدينامية الإقتصادية بالمملكة، وتعرقل الاستثمارات الأجنبية في ظل عدم وجود حكومة ملموسة بحسب توقعات مجموعة من الخبراء الإقتصاديين.
“ما يجعل الأمور تبدو صعبة نوعا ما، هي أن التجربة الحكومية السابقة كانت مطبوعة بقدر كافي من التنافر السياسي بين مختلف الفرقاء السياسيين إلى أن تحول منسوب الثقة بينهم جد ضعيف”. يقول الدكتور محمد زين الدين أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية في تصريح لـ مشاهد24، والذي أضاف قائلا: “إن أسباب البلوكاج السياسي في المغرب راجعة بالدرجة الأولى لتصلب مواقف حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، فيما أحزاب (الاستقلال، والتقدم والاشتراكية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) حسمت موقفها من المشاركة، وبالتالي إصرار بنكيران في بقاء حزب الاستقلال ضمن أحزاب الكتلة القديمة يغضب بشدة رفاق عزيز أخنوش في حزب الحمامة”.
وفي اعتقاد زين الدين، فإن “بنكيران رغم ذلك يلح في دخول حزب التجمع الوطني للأحرار للحكومة. أولا، لضمان أغلبية مريحة. ثانيا، لإرضاء أطراف في الدولة تؤشر على تواجد حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقوده الميلياردير عزيز أخنوش”. وفي ظل عدم تواجد هذا الحزب يستطرد المتحدث، “سيغضب رجال الأعمال بشدة لا سيما وأن أخنوش واحدا منهم وهو الشيء الذي يريد بنكيران أن يتفاداه”.
وأكد أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أنه “من الصعب جدا أن يتفق بنكيران وأخنوش لأن ثقافة التنازلات ومرونة المشاورات لا تتمتع بها الأحزاب السياسية المغربية”.
واسرتسل المتحدث، “بنكيران كان بإمكانه أن يتفادى هذا البلوكاج بالاحتفاظ بالتحالف الحكومي السابق ممثلا في حزب العدالة والتنمية، والتقدم والاشتراكية، والحركة الشعبية، والتجمع الوطني للأحرار، وهو ما يعتبر تجديد الثقة في الحكومة المنتهية ولايتها، فالأحزاب الأربعة تتوفر على أغلبية مريحة نسبيا”. لكن طموح بنكيران وحلمه الذي عبر عنه في السابق بإحياء تحالف أحزاب الكتلة القديمة يزيد من تأخير ميلاد الحكومة”.
وخلص زين الدين أن حل هذه الأزمة “سياسي بالدرجة الأولى، لأن الفصل 47 من الدستور المغربي لا يجيب على هذا الإشكال (البلوكاج)”، مستبعدا في الآن ذاته إقدام المغرب على خوض انتخابات سابقة لأوانها “لأن ذلك جد مكلف وسيؤثر على صورة البلد سياسيا وإقتصاديا”.
إقرأ أيضا: خبير اقتصادي: تأخر ميلاد الحكومة سيكبد المغرب خسائر كارثية في الاستثمارات