الرئيسية / إضاءات / هل تستوعب الجزائر الدرس من المغرب بعد طردها للمهاجرين الأفارقة؟
الجزائر

هل تستوعب الجزائر الدرس من المغرب بعد طردها للمهاجرين الأفارقة؟

ستظل عملية طرد سلطات الجزائر لمجموعة من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، من أرضها،بشكل تعسفي، وصمة عار في جبين حكام قصر المرادية،الذين اتضح بالملموس انهم لايقيمون أي وزن للاعتبارات الإنسانية أو المواثيق الدولية أو حقوق الإنسان.

ورغم وجود حالات وسط المهاجرين المطرودين،تستدعي الرأفة والرحمة والعلاج،وخاصة النساء الحوامل والأطفال  والرجال الجرحى،فإن الجزائر،لم تتراجع عن هذا القرار الذي خلف موجة استنكار واسعة، في مختلف انحاء العالم،عكسته ردود الفعل المعبر عنها من طرف عدد من الجهات المهتمة بأوضاع حقوق المهاجرين.

وكم كان الأمر سخيفا، والجزائر تلجأ إلى أخفاء فعلتها وراء بعض التبريرات الواهية، التي لاتصمد أمام الحقيقة، زاعمة أن من أسباب تجميع المهاجرين الأفارقة، وترحيلهم إلى جنوب البلاد،بمنطقة “تمنراست”، في مكان مسيج بالأسلاك،تمهيدا لإرجاعهم إلى بلدانهم، “كونهم  يحملون أمراضا معدية”.

وهذا بالضبط ماعبر عنه فاروق قسنطيني،رئيس “اللجنة الوطنية الاستشارية للنهوض وحماية حقوق الإنسان” في الجزائر بقوله المنشور في الصحافة:إن ” حضور المهاجرين واللاجئين الأفارقة في عدد من المدن يعرض الجزائريين لمخاطر انتشار داء فقدان المناعة المكتسبة وباقي الأمراض المنقولة جنسيا “،ونفس الكلام تقريبا،رددته صحيفة “الشروق” المقربة من مراكز القرار.

وفي الواقع،فإن هذا عذر أقبح من زلة،كما يقال،فمهما حاول حكام الجزائر تجنيد بعض الأبواق المسخرة باسم حقوق الإنسان، للدفاع عنهم،بعد الرجة المدوية التي أحدثتها فضيحة طرد المهاجرين الأفارقة، في مختلف أنحاء العالم،فإن التهمة ثابتة في حقهم، وهي أنهم ارتكبوا جريمة إنسانية بكل ما في الكلمة من معنى،ماداموا قد تصرفوا بطريقة عدوانية في حق أناس أبرياء،لاذنب لهم سوى أن الظروف رمت بهم إلى الجزائر، في رحلة البحث عن مكان آمن،ينعمون فيه بالاستقرار والعيش الكريم.

والنية العدوانية وراء هذا الفعل الشنيع ثابتة ومبيتة،لاسيما إذا عرفنا أن الأفارقة المستهدفين بالطرد والترحيل صوب بلدانهم، هم بالضبط أولئك الذين ينتمون إلى بلدان عبرت عن ترحيبها بعودة المغرب إلى البيت الإفريقي، عقب الجولة الملكية التي حققت خطوات حميدة في هذا الاتجاه،ولاينظر إليها حكام الجارة الجزائر بعين الرضى.

وللتاريخ،فهذه ليست هي أول مرة تقوم فيها الجزائر بعملية طرد جماعية،ظالمة وعدوانية،في حق أناس لم يرتكبوا أي ذنب، سوى أن الأقدار دفعتهم للعيش هناك،اعتقادا منهم أنهم في بلد يراعي حقوق الانتماء لقارة واحدة،هي افريقيا.

وقد كان المغاربة أول الضحايا الذين تم طردهم سنة 1957 من الجزائر، وعددهم بالألاف،وجرى تفريق الزوج المغربي عن زوجته الجزائرية، وعن كامل أفراد عائلته،دون وازع من ضمير،أو إحساس بالذنب،رغم أن المناسبة آنذاك كانت هي الاحتفال بعيد الأضحى،مما يعني أن حكام الجزائر، بالأمس، مثل حكام الجزائر، اليوم، لاضمير لهم يمكن أن يؤنبهم،أو يثنيهم عن ارتكاب كل هذه الجرائم ضد الإنسانية.

فهل تستوعب الجارة الجزائر الدرس البليغ والعميق  من المغرب الذي يتعامل مع ملف الهجرة الإفريقية بمقاربة إنسانية، تحفظ للمهاجرين كرامتهم، وتوفر لهم سبل الإدماج في المجتمع، عن طريق تمتيعهم بكل الحقوق التي تضمنها لهم المواثيق الدولية.

وهاهي المرحلة الجديدة من تسوية وضعية المهاجرين الأفارقة المقيمين بالمغرب، تدخل مرحلة التنفيذ، وفاء من المغرب بوعده، وحرصا منه على الاستمرار في نهج سياسته التضامنية الحقيقية إزاء المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء.

للمزيد من التفاصيل:طرد المهاجرين الأفارقة بشكل تعسفي من طرف السلطات الجزائرية يثير سخطا دوليا