الغاز الصخري ولغة التخوين!

لا يمكن فهم التّصريحات الغريبة، الصّادرة عن بعض أشباه السّياسيين، الذين احترفوا مهنة التّبرير لقرارات السلطة وسياساتها، والدّفاع عنها، حتى ولو كانت خاطئة، إلا في إطار “الشّيتة” المفضوحة، وإلاّ ما معنى أن يتّهم هؤلاء تنسيقية الانتقال الديمقراطي بالعمل على زعزعة استقرار البلاد ونشر الفوضى لمجرد أنّها دعت إلى وقفات متضامنة مع أهلنا في الجنوب الذين خرجوا في مسيرات رافضين استغلال الغاز الصخري.
الذين يهدّدون الاستقرار هم هؤلاء الذين نصّبوا أنفسهم متحدثين باسم الشّعب، دون أن يتحرّوا مصالح هذا الشّعب في تصريحاتهم، التي تخوّن جزءا كبيرا من الشّعب الجزائري الرّافض لاستغلال الغاز الصّخري، ويخوّن من يتضامن مع المتظاهرين في الجنوب، في حين إنّ الوطنية الحقيقية تتطلب أن نقف جميعا ضد هذا المشروع مهما كانت جدواه الاقتصادية ما دام أهلنا في الجنوب يرفضونه.
لا يمكن لبهاء الدّين طليبة ولا لعمّار غول، ولا لغيرهما من الذين يتسابقون إلى اتّهام تنسيقية المعارضة، بأن يكونوا أكثر خوفا على الجزائر من مقري وبلعباس وجيلالي سفيان، وأكثر حرصا على استقرار البلاد من الذين يعبرون عن آرائهم السّياسية باستقلالية وتجرّد وليس إرضاء للسّلطة وتزلّفا لها لأجل الحفاظ على المكاسب الشخصية.
ثم ما هذا الإصرار على استكشاف الغاز الصخري من قبل السلطة في ظل ما يقال عن جدواه الاقتصادية الضعيفة أو المنعدمة تماما، وما يثار عن الأضرار البيئية التي تسببها عمليات الحفر، خصوصا على المياه الجوفية؟ أم إن الأمر فعلا يتعلق بإملاءات خارجية؟
ومهما كانت المداخيل كبيرة من الغاز الصخري، لا يمكن أن تكون بحجم الأموال الطائلة التي تم تبديدها في قضايا الفساد، بدءا من الخليفة إلى سوناطراك 1 ثم سوناطراك 2 إلى الطّريق السّيار ـ شرق غرب، إلى قضايا الفساد في كل المشاريع على المستوى الوطني والمحلي. وعليه، فإن القائمين الآن على شؤون البلاد ليسوا أهلا لنضع بين أيديهم ثروة احتفظت بها الصخور للأجيال القادمة.
ما تقوم به تنسيقية الانتقال الديمقراطي هو تضامن مشروع مع سكان الجنوب، وذلك لن يغطي الإخفاق العام لهذه الأحزاب في تأطير الشّارع، وهي التي لا تعد قادرة على ملء قاعة صغيرة، وذلك له أسبابه المتعلقة بالوضع داخل هذه الأحزاب وبما قامت به السلطة على مدار السنوات الماضية حينما أفرغت العمل السياسي من محتواه وصنعت طبقة سياسية على المقاس.

*كاتب صحفي/”الشروق” الجزائرية

اقرأ أيضا

الجزائر

السياسة الخارجية الجزائرية.. أزمة المحددات والأشخاص

بنت الجزائر عقيدة وثوابت سياستها الخارجية انطلاقا من مخرجات التفاوض الذي خاضته الحركة الوطنية الجزائرية مع المستعمر الفرنسي، مكرسة شعارات سياسية محددة للسياسية الخارجية أكثر منها ثوابت مبنية على نظريات مؤسسة لعلم العلاقات الدولية، مما حول هذه الشعارات إلى نصوص جامدة غير متغيرة في عالم يطبعه التغير والتحول بشكل دائم ومتعدد، أفضت إلى ما أفضت إليه ما بعد انهيار جدار برلين من فقدان البوصلة والرؤية المؤسسة للبعد الاستراتيجي في القرار الخارجي الجزائري.

منظمة حقوقية شيلية: البوليساريو عامل مزعزع للاستقرار في منطقة شمال إفريقيا برمتها

أدانت "مؤسسة حقوق الإنسان بلاحدود" الشيلية، بشدة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تمارسها البوليساريو في مخيمات تندوف بالجزائر، معتبرة أن الجبهة الانفصالية عامل مزعزع للاستقرار في منطقة شمال إفريقيا برمتها.

صفعة مدوية.. الكاف يرفض استئناف الاتحاد الجزائري بخصوص أقمصة نهضة بركان

رفض الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ، استئناف الاتحاد الجزائري، ليؤكد شرعية ارتداء فريق نهضة بركان …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *