بدأت متاعب المواطنين الجزائريين منذ دخول قانون الحالة المدنية 14-08 المؤرخ في شتنبر 2014 حيّز التطبيق، وبعد الإقبال الواسع على استخراج شهادات الميلاد الخاصة “س12” للوثائق البيومترية، فكانت صدمتهم كبيرة في الكم الهائل من الأخطاء الفادحة في الوثائق، نتيجة إعادة الكتابة الإلكترونية للسجل الوطني للحالة المدنية أو في أصل السجل المدوّن بخط اليد.
وانطلقت رحلة البحث عن الوثائق السليمة والصحيحة من دون أخطاء إملائية أو معلوماتية، بعض المواطنين الجزائريين يستطيعون تصحيحها بسهولة، وبعضهم عليه الانتظار خمسة أشهر أو أكثر لتغيير حرف أو نقطة في اسمه أو لقبه أو جنسه، لتبدأ الطوابير الطويلة بالظهور أمام شبابيك التصحيح بمصالح الحالة المدنية وقاعات الانتظار في المحاكم الابتدائية، ما تسبب في معاناة لحوالي 5 ملايين من الجزائريين.
واكتشف الجزائريون الأخطاء في الأسماء والألقاب، وفي اسم ولقب الأم والأخطاء في الكتابة اللاتينية للأسماء وعدم الإشعار بالوفاة، وهو المشكل الذي خلق ظاهرة “الأموات “الأحياء”، وكذا عدم الإشعار بالزواج والطلاق، ما يجعل المعلومات ناقصة، وتستوجب إضافتها وتصحيحها على السجل تصحيحا قضائيا عن طريق عريضة للسيد وكيل الجمهورية، وقرار يصدره القاضي المكلف بالحالة المدنية حتى إذا تعلق الأمر بنقطة أو حرف، لأن السجل ممسوح لدى مصالح وزارة الداخلية ويعاقب على إدخال أي تعديل ولو بجرة قلم.
وبلغ عدد طلبات تصحيح الوثائق رسميا مليون طلب حسب وزارة العدل الجزائرية خلال سنة من دخول القانون حيّز التطبيق، لكن العدد تضاعف ليصل إلى 5 ملايين طلب تصحيح، حسب مصدر لوزارة الداخلية بين أخطاء كتابية وأخطاء في أصل السجل.
وتبقى أغلب حالات التصحيح متعلقة بالجنس، فالكثير من المواليد الإناث وجدوا أنفسهم ذكورا على السجل الوطني نتيجة أخطاء تعود إلى سنوات، وقد استغرق التصحيح شهرين بين مد وجزر في المحاكم الابتدائية، ويضاف إلى ذلك اسم الزوج، حيث تفاجأت الكثير من النساء بأسماء غريبة مقرونة في عقود الزواج.
وبالرغم من أن القانون يوصي بأن يكون التصحيح في وثائق الحالة المدنية وطنيا، إلا أنّ البلديات ترمي بالمواطنين إلى مسقط رأسهم، وتنصحهم بالتنقل لتصحيح الأخطاء، مبررة ذلك ببطء إجراءات التصحيح، الذي لا يتم إلا بعد شهر أو شهرين من إشعاره، ما يدفع المواطنون للتنقل مئات الكيلومترات لتصحيح وثيقة أو عقد زواج أو شهادة ميلاد.