الرئيسية / المغرب الكبير / “بطولات” جزائرية إعلامية “وهمية” للتغطية على “فضيحة” المنتدى الإفريقي للاستثمار
كاريكاتير موقع "الشروق" الجزائرية يلخص واقع "المنتدى الإفريقي للاستثمار"
كاريكاتير موقع "الشروق" الجزائرية يلخص واقع "المنتدى الإفريقي للاستثمار"

“بطولات” جزائرية إعلامية “وهمية” للتغطية على “فضيحة” المنتدى الإفريقي للاستثمار

تحول “المنتدى الإفريقي للاستثمار والأعمال” الذي احتضنته العاصمة الجزائرية نهاية الاسبوع الماضي إلى ما يشبه مستنقعا من الرمال المتحركة، كلما حاولت السلطات الجزائرية رفع رجل منه تنصلا من المسؤولية عن فشله الذريع من وجهة نظر رجال السياسة والاقتصاد في الجزائر نفسها، ناهيك عن رأي باقي المعنيين في إفريقيا والعالم، حتى غاصت الرجل الأخرى. فشل تحول إلى كرة من اللهب تتقاذفها أقدام أطراف مربع الرئاسة ومن يدور في فلكها، وأدى حتى الآن إلى إقالة سفير الجزائر في باريس، وإلى اندلاع حرب شرسة بين جناح الحكومة ممثلة في وزيرها الأول عبد المالك سلال، وظهيره في مجتمع الأعمال ممثلا في رئيسه علي حداد.

الدوائر المرتبطة بحداد تشيع بأن تعديلا حكوميا في الطريق خلال ساعات، ربما يطال سلال نفسه، بينما ترد دوائر الأخير بأن مؤتمرا استثنائيا سيعقده منتدى الأعمال خلال الشهر المقبل للإطاحة بحداد، رغم أنه بالكاد أكمل نصف ولايته، في فوضى ضاربة تغني عن كل تعليق. إلى هنا فالأمر مفهوم، فالمنتدى الإفريقي الذي أريد به محاولة اللحاق بالحضور المغربي في إفريقيا من بوابة الاقتصاد، انتهى بفشل تبارى الجزائريون في اختيار ألفاظ تصفه، ما بين “الفضيحة” و “الكارثة” ومترادفاتهما، في محاولة محمومة للبحث عمن يعلقون عليه هذا الفشل.

وكالعادة، وفي ظل سلطة يجمع الجزائريون أنفسهم على فشلها في جميع المجالات، لا يمكن أن تحظى بظهير إعلامي ناجح. وعليه، اعتادت وسائل الإعلام الجزائرية على استسهال تعليق كل فشل تعيشه على المغرب والمغاربة، حتى ولو بدا واضحا أن لا علاقة للمغرب بالفشل الذي يتحدثون عنه، وهو ما حاولوا تطبيقه على منتداهم الفاشل الذي يعلم القاصي والداني أن لا علاقة للمغرب بالتخطيط له أو الدعوة إليه أو المشاركة فيه. فمن جهة، يرافق كبار مدراء الشركات المغربية العاهل المغربي الملك محمد السادس في جولاته الإفريقية، حيث يشغلون وقتهم “بالعامر ماشي بالخاوي”، ولا وقت لديهم يضيعونه في ملتقيات علاقات عامة، ومن جهة أخرى، يعلمون سلفا، بحسهم العملي، أنه لن يقدم لهم فرصة استثمارية حقيقية واحدة.

ولغياب مبررات قوية تسند “نظرية المؤامرة المغربية” على المنتدى الفاشل، خرجت جريدة “الشروق” الجزائرية، مستندة إلى تلميحات لوزيرهم في الخارجية رمطان لعمامرة، في أن بلاده “ألغت” مشاركة بعض من وجهت إليهم الدعوة للمشاركة (وهذه فضيحة بحد ذاتها)، بخبر مفاده أن أندريه أزولاي مستشار الملك محمد السادس كان من بين من ألغيت دعوات مشاركتهم، “نظرا لكونه يهوديا!!!” وفي رواية أخرى، “يحتفظ بعلاقات قوية مع إسرائيل”، كل ذلك في محاولة “يائسة” من المؤسسة الإعلامية “البائسة”، لاستدرار تعاطف مفترض ممن سيجدون في ادعائها “شبهة بطولة”.

إن هذا الخبر، إن صح، لا يمكن إلا أن يضاف إلى سلسلة فضائح المنتدى- الكارثة، وذلك لأكثر من سبب أهمها:

  • منذ متى يصار للنظر في ديانات من يدخلون ويخرجون من “قلعة العروبة المتينة”؟ وهل تملك خارجيتهم الجرأة أو الشجاعة لسؤال ضيوفها الفرنسيين من سياسيين ورجال أعمال عن ديانتهم قبل أن تقرر السماح لهم بدخول الجزائر؟ وهو ما ينطبق على صفة “صداقة إسرائيل”، هذا إذا كانوا محتاجين أصلا للاستئذان بالدخول في مستعمرتهم القديمة- الحديثة، وصدقنا أنهم (أي المسؤولين الجزائريين) يملكون مثل هذه السلطة، أو أن السفير الفرنسي في الجزائر سمح لهم بمثل هذه الإمكانية؟
  • أندريه أزولاي، وقبل أن يكون مستشارا للعاهل المغربي، هو مغربي قح، معتز بمغربيته، ولا يحتاج بهذه الصفة إلى من يمنحه أو يمنعه من دخول بلد مغاربي آخر، إذا كان النظام الجزائري صادقا في إيمانه بالانتماء للمغرب الكبير.
  • إن ترشيح المغرب لمسؤول في هذا المستوى الرفيع (مستشار الملك محمد السادس)، دليل اهتمام بالحضور، رغم أن غالبية من فيه من مدعوين، أقل منه قامة وقيمة، وسحب الدعوة الموجهة له، إن صح، أقل ما يقال فيه أنه تصرف يفتقر بشدة للباقة والكياسة. لكن بما أنه صدر عن الخارجية الجزائرية، فلا مشكلة، حيث أن مهاراتها الدبلوماسية الافتراضية اعتادت العمل إفريقيا عبر وسائل أخرى!

ختاما، وأمام حقيقة أنه لم يتبق لغالبية وسائل الإعلام الجزائرية مشكلة في بلادهم إلا وألصقوا المسؤولية عنها للمغرب، اللهم باستثناء المسؤولية عن انتخاب رئيسهم العاجز لعهدة رابعة، فمن الأجدى أن تتحول مقاربتهم للمغرب إلى محاولة تلمس طرقه في الحفاظ على الاستقرار السياسي والأهلي، وبناء الاقتصاد المتنوع بعيدا عن الريع النفطي، والتصالح مع الماضي عبر نموذج عدالة انتقالية ناضج، والانتقال إلى الاعتماد على الطاقات المتجددة في إنارة حياتهم، وبناء شراكات حقيقية جنوب- جنوب وفق مقاربة تعاونية دون منة أو فضل أو شراء ذمم، وغيرها من المجالات التي يدرك كل مواطن جزائري يملك نافذة على العالم الافتراضي، حجم “المسافة الضوئية” التي تفصل سلطات بلاده عن تلك الخاصة بجيران الشرق. ساعتها، سيجدون يدا ممدودة وحضنا دافئا ونفوسا وفية لما بين الشعبين من تاريخ نضالي مشترك، وأواصر دم وقربى، ومؤمنة بوحدة المصير في إطار مغرب كبير مبني على مصالح دوله وشعوبه.