الرئيسية / إضاءات / بعد سحب المغرب لقواته من الكركرات..هل تتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها كاملة؟
الكركرات

بعد سحب المغرب لقواته من الكركرات..هل تتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها كاملة؟

كثيرون طرحوا التساؤل، تلو التساؤل،حول الخلفيات الكامنة وراء سحب المغرب،بتعليمات من جلالة الملك محمد السادس،لسحب قواته العسكرية من الكركرات رغم أن الأمر واضح،ولا يحتاج إلى تفسير،خاصة وأن هذا المستجد جاء بعد التنبيهات الملكية للأمين العام للأمم المتحدة،بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حد لما يجري هناك على الحدود الجنوبية من استفزاز من طرف البوليساريو، قد يعرض المنطقة بكاملها للخطر.

وكما لاحظ ذلك المتتبعون لملف النزاع المفتعل في الصحراء،فإن الجبهة الانفصالية،وبدعم من الجزائر وجنوب افريقيا،تحاول منذ مدة التشويش على المغرب،منذ أن أبدى رغبته في استعادة مقعده في بيته الإفريقي.

ولا يسع المجال هنا لاستعراض كل ماقامت به البوليساريو، من أفعال وممارسات،لعرقلة عودة المملكة إلى حضن الاتحاد الإفريقي،وكم كانت صدمة الانفصاليين كبيرة، ومن يقف وراءهم،وهم  يرون  حجم الترحيب الكبير،بعودة المغرب كبلد يسعى إلى النهوض بافريقيا اقتصاديا واجتماعيا.

ولم يكن هذا الاستقبال اعتباطيا،ذلك أن قادة افريقيا، ومن خلال الحضور  المغربي وديبلوماسيته المتحركة،بقيادة الملك محمد السادس،عبر القارة السمراء،لمسوا أن هناك فرقا بين المملكة،التي تطمح للبناء والسلم، عن طريق المشاريع والشراكات والأوراش الاقتصادية،وبين الجزائر، التي توزع الوعود،وتزرع بذور التفرقة،وتنسف كل خطوة لإحلال الوفاق داخل المنظومة الإفريقية، وما  عرقلة تنفيذ “اتفاق الصخيرات” بين الأطراف الليبية،إلا أكبر دليل على هذا التوجه.

ولقد أربكت هذه العودة المظفرة للمغرب إلى الاتحاد الإفريقي، حسابات مسؤولي الجزائر وجنوب افريقيا وصنيعتهم  البوليساريو،فكان التركيز على بذل كل ما في استطاعتهم جميعا لنسف هذا المسلسل،من خلال الدفع بالميليشيات والعناصر المسلحة للجبهة الانفصالية نحو التوغل المتكرر،في الكركرات،واحتلال الشريط العازل،والبحث عن منفذ للوصول إلى المحيط الأطلسي.

والنتيجة،أن المنطقة،وبسبب مؤامرات خصوم وحدة المغرب الترابية، معرضة لسيناريو مرعب لا أحد يتوقع حجم الخسائر التي قد تنجم عنه، في حالة اندلاع الحرب،لدرجة أن محمد عبد العزيز،الرئيس الموريتاني،قرع الجرس،وقال في تصريح صحافي، “إن الوضع في الشريط العازل ماض إلى التصعيد”،اعتبارا لما وصفه بوجود “عناصر صحراوية مسلحة”، وهو يقصد تحديدا ميليشيات البوليساريو.

ويبدو جليا أن الجزائر،وللتنفيس عن أزماتها الاجتماعية الداخلية،وصرف الأنظار عنها،ورغم وضعيتها الاقتصادية المتدهورة،وفي إطار معاداتها لوحدة المغرب الترابية،قامت بتسليح صنيعتها البوليساريو،بمعدات عسكرية،هي عبارة عن صواريخ بعيدة المدى،”يمكن أن تضرب عمق المغرب”، على حد تعبير عبد الله لحبيب،وزير دفاع ما يسمى بال”جمهورية الصحراوية”.

ولم يتوقف دعم الجزائر عند التسليح فقط،بل ذهبت إلى حد التعامل مع ابراهيم الغالي،رئيس الكيان الانفصالي،كأنه هو الرئيس الفعلي لهذا البلد المغاربي،وليس عبد العزيز بوتفليقة،حيث بات يتنقل عبر دول القارة السمراء،بطائرة جزائرية خاصة،وضعت رهن إشارته،لالشيء سوى لتعقب التحرك المغربي،قصد التأثير عليه.

أمام كل هذه التطورات،وغيرها من الدسائس التي تخطط لها الجزائر في الخفاء،كان لابد من أن يعبر المغرب،على لسان عاهله الملك محمد السادس،عن تحذيراته،داعيا المنتظم الدولي إلى تحمل مسؤولياته،في الذود عن الشرعية،والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.

لكن البوليساريو،وجريا على عادتها في خلط الأوراق،ونشر الأكاذيب والمغالطات،بدعم من الجزائر وجنوب افريقيا،سارعت إلى تصوير الانسحاب العسكري المغربي،كأنه بمثابة انتصار لها،في محاولة يائسة منها للتغطية على الحقيقة،وهي أن مبادرة المملكة لم تأت من فراغ،بل جاءت استجابة لطلب الأمين العام الجديد للأمم المتحدة،موجه إلى المغرب والبوليساريو،في مسعى منه لتكريس الحل السلمي،علما أنه،وعلى خلاف بان كي مون،يعرف جيدا حقائق الملف منذ أن كان على رأس حكومة البرتغال، البلد الصديق للمغرب.

فرنسا

وإذا كان المغرب، ومن منطلق إيمانه بمباديء السلم والتفاهم، قد تفاعل إيجابيا،كعادته دائما، مع كل مساع الأمم المتحدة،فإن هذه الأخيرة،يتعين عليها ، في شخص قوات “المينورسو”،أن ترتقي إلى تحمل مسؤوليتها كاملة،في وضع حد لأي انفلات أو تسيب جديدين للبوليساريو،في الكركرات،وذلك تفعيلا لمقتضيات القانون الدولي وللشرعية الدولية، حتى لاتدخل المنطقة بكاملها في دائرة ملتهبة،سوف تكون الجزائر نفسها في مقدمة ضحاياها،في ظل الاحتقان الاجتماعي الداخلي الذي لاينتظر سوى فتيل الاشتعال، وهو خطر  حقيقي يتهدد الجارة،ولا أحد من الشعب المغربي يتمناه  أبدا للشعب الجزائري الشقيق،الذي ابتلاه الله بحكام في قصر المرادية لايفكرون في مصلحة واستقرار شعوب المغرب الكبير.