الرئيسية / إضاءات / الديكتاتور “فرانكو” مارس الكتابة والرسم ومواهبه تفتقت أثناء خدمته العسكرية بالمغرب
هتلر

الديكتاتور “فرانكو” مارس الكتابة والرسم ومواهبه تفتقت أثناء خدمته العسكرية بالمغرب

لم يكن الجنرال، فرنثيسكو فرانكو، الديكتاتور الذي حكم إسبانيا إسبانيا بالحديد والنار، قرابة أربعة عقود، مجرد فنان تشكيلي مثل حليفه “هتلر” عاشق لسحر الألوان، يزجي بها أوقات فراغه، بل إنه كان أيضا مبدعا أديبا أو خيل له ذلك، وكتب أعمالا نقل بعضها إلى شاشة السينما، اهلته للانضمام إلى هيئة المؤلفين والتمتع بالحقوق العائدة إليه.

ومن المفارقات التي تكشفها وثائق التاريخ الإسباني بين الفينة والأخرى، أن الموهبة الأدبية لفرانكو، تفجرتخلال وجوده بالمغرب ضابطا في قوات الاحتلال الإسباني، بل إن سهول منطقة “كتامة” المشهورة بزراعة القنب الهندي والتي كان مرابطا بها مع وحداته العسكرية، هي التي أوحت له بإعلان التمرد والتخطيط له على النظام الجمهوري الشرعي.

ووفقا لما نشرته جريدة “إلموندو” في عدد اليوم (الجمعة) فإن الجنرال الدموي، كتب في المغرب مؤلفا أطلق عليه عنوان “يوميات علم” والمقصود العلم أو الراية الوطنية.

وفي وقت لاحق ، كتب عملا آخر بعنوان “راثا” ومعناها بالإسبانية جنس أو عرق. هو  عبارة، كما تصفه  جريدة “إلموندو”  عن صفحات ممجدة للحرب الأهلية التي دارت  رحاها في إسبانيا من عام 36 إلى 1939 انتهت بانتصار “فرانكو” المسنود من النظام الفاشي في إيطاليا والنازي في ألمانيا.

وتدور أحداث قصة” راثا” في إقليم “غالييثيا” وتصور الصراع الإيديولوجي الذي نشب وسط عائلة من المنطقة، على خلفية موقفها المنقسم من الحرب الأهلية، حيث برز داخلها تياران: أحدهما معارض للحرب، والثاني مؤيد وهو الأقوى والمحق بنظر المؤلف، لأنهيناصر الأفكار التي حملت الجنرال على التمرد والتسبب في قتل مئات الآلاف من الإسبان والمغاربة الفقراء الذي زج بهم في أتون معركة صورتلهم على أنها دفاع عن الإسلام والقيم الروحية، ضد الشيوعية المادية الملحدة.

وتلاحظ الجريدة ألإسبانية أن مؤلف، فرانكو، كان يحتوي على ما يلزم من بهارات الكتابة تجعله صالحا لكي يتحول إلى عمل سينمائي. وبالفعل تم عرضه لأول مرة مطلع العام 1942 في قصر الموسيقى، بمدريد في تظاهرة حضرها أركان النظام الديكتاتوري وأقطاب تنظيم “الحركة” الذراع السياسي لفرانكو.

وحول العمل إلى السينما أو ما يشبهها، بتمويل من الدولة الإسبانية التي رصدت له ميزانية مجهولة أمرت بصرفها السلطات الحكومية العليان دون حسب أو رقيب في ذلك الوقت.

وحيث إن العمل في جوهره دعائي،ممجد للانقلاب العسكري على الشرعية واستعداء جزء من الشعب الإسباني ضد القسم الأخر، فإنهحفل بأساليب التحريض والاستفزاز والثاروالتشفي، ما جعل النظام ينتبه لأخطاره، فأخضعه لتعديل في العنوان وحذف مشاهد منه، وذلك في عام 1950، بعد إن استقر حكم الديكتاتور وساورته المخاوف من إحياءذكرى واستعادة الصور المهولة للدمار الذي لحق إسبانيا جراء الحرب الأهلية.وسجل الشريط بعنوان جديد لدى جمعية المؤلفين السينمائيين، ليتمتع الديكتاتور بحقوق الملكية الفكرية والأدبية التي ستعود إليه من تسويق الشريط أو استغلاله أو الاقتباس منه. وهذا أطرف ما في الحكاية .

وفعلا تم العثور ضمن أرشيف الدولة الإسبانية، على وثيقة بالغة الأهمية، تكشف  تقيد ديكتاتور إسبانيا الراحل بالقوانين التي سنها؛ وهكذا نشرت الجريدة المذكورة  نص الطلب الذي تقدم به فرانكو، لجمعية المؤلفين الإسبان، طالبا انتسابه اليهم، ملتزما بالتصريح  بهويته الحقيقية وتاريخ ومكان ازدياده وغيرها من المعلومات الشخصية، لكنه أختار في نفس الوقت اسما مستعارا يوقع  به مؤلفاته هو “خايمي دي اندرادي”، لكن الأكثر إثارة أن فرانكو صاغ طلبه وفق نفس النموذج الذي يتقيد به الجميع ، مخاطبا رئيس الهيئة بما يلزم من الاحترام مستعلا فعل التمس منه الإذن بالموافقة على تقييد ضمن جدول المؤلفين.

وتختم اليومية الإسبانية بالقول إن فرانكو، ترك وريثا سياسيا في شخص العاهل الإسباني المتنازل عن العرش “خوان كارلوس” لكنه لم يترك وريثا آخر للمطالبة بالحقوق المستحقة لقاء أعماله ومصنفاته الأدبية والفنية مثلما أن العاهل الذي خلفه تنصل من كل تركته السياسية والفكرية، فسهل بموقفه التاريخي عودة الديموقراطية المغدورة على يد فرنكو وأتباعه.

يذكر في هذا الصدد أن الديكتاتور أنجب بنتا واحدة زوجهاقيد حياته، لضابط في القوات المسلحة،لا يتحدث عنها أحد أما والدتها فقد توفيت بعد وفاة زوجها عام 1975.