الرئيسية / إضاءات / هل انتهت حركة 20 فبراير؟
حركة 20 فبراير

هل انتهت حركة 20 فبراير؟

هل انتهت حركة 20 فبراير ؟ كثيرون باتوا يطرحون هذا السؤال أمام خفوت وتراجع وهج الحركة الشبابية، التي كانت قد انطلقت قبل ست سنوات،وأثارت الكثير من الجدل بشأن دوافعها وأهدافها،في خضم ما سمي ب”الربيع العربي”،الذي تحول في نظر بعض المتتبعين إلى خريف مازالت الريح تتلاعب بأوراقه المتناثرة في الخريطة العربية.

اليوم،كما يعرف الجميع، هو 20 فبراير، ومع ذلك لاأثر يذكر،تقريبا، لحركة 20 فبراير،لا في الشارع العام،الذي كان هو فضاؤها العام، الذي كانت تتحرك فيه مسيراتها،في مختلف المدن المغربية، ولا في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة،ما عدا بعض المواضيع المتداولة في بعض المنابر والمواقع الالكترونية.

يوم أمس الأحد، حاول البعض إحياء ذكرى انطلاق حركة 20 فبراير،في العاصمة السياسية للمملكة،لكن الاستجابة كانت متواضعة،ومحتشمة،على مستوى الحضور الشبابي الذي لم يكن في مستوى الزخم المألوف من حيث تعداد المشاركين، ونسبة الحماس.

أين أولئك الشباب الذين كانت أصواتهم تشق الفضاء؟أين الشعارات التي كانت تطالب بالتغيير عن طريق الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟ أين مكبرات الصوت التي كانت تتقدم الصفوف،قبل التوقف أمام البرلمان،بل أين تلك الأسماء السياسية،والوجوه المنتمية للمجال الحقوقي؟ “كل شيء راح مع الزمن”،كما تقول أغنية شهيرة لعبد الوهاب الدكالي.

وفي محاولة لتبرير هذا الغياب الملحوظ،والخفوت المتواصل لوهج حركة 20 فبراير،قيل إن عامل الطقس المتمثل في البرد وتساقط الأمطار،هو الذي حال بين الناس والمشاركة في المسيرة التي جابت بعض شوارع مدينة الرباط،غير أن الحقيقة لها وجه آخر.

لقد أصبح العديدون من متتبعي حركة 20 فبراير متأكدين من أنها لم تعد كما كانت،بفعل مجموعة من العوامل، التي لابد من الانتباه إليها، ومن بينها أن أقطابها الذين كانوا وراء إطلاقها أو تأسيسها،توقفوا عن تجديد شرايينها، منذ مدة،وانصرفوا إلى تدبير شؤونهم الشخصية،ولم يعد الانشغال بالشأن العام يشكل هاجسا أو أسبقية بالنسبة لهم.

وحتى بعض الأسماء والرموز البارزة لحركة20 فبراير،تفرقت بينها السبل،وتباعدت المسافات بينها،ولم تعد تلتقي بنفس الحماس،كما كانت في السابق،وهناك من اكتفى بتحسين أحواله فقط،بعد أن كان مطلبه، الذي يصدح به، هو الارتقاء بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لعموم  المواطنين.

ثمة معطى أساسي آخر،لابد من أخذه بعين الاعتبار، ألا وهو أن الدولة تعاطت بشكل إيجابي مع متطلبات حركة20 فبراير في عنفوانها،فور الإعلان عن نفسها،كحركة احتجاجية اجتماعية تتطلع إلى إصلاح بعض المسارات والسلوكات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وفي خضم تلك التفاعلات التي كان يعج بها الشارع العربي، في عز ما سمي ب” الربيع العربي”،جاء الخطاب الملكي ليوم تاسع مارس من سنة 2011، ليشكل الإطار العام للإصلاح الدستوري، بقوله: “إن إطلاقنا اليوم، لورش الإصلاح الدستوري، يعد خطوة أساسية، في مسار ترسيخ نموذجنا الديمقراطي التنموي المتميز، سنعمل على تعزيزها بمواصلة النهوض بالإصلاح الشامل، السياسي والاقتصادي والتنموي، والاجتماعي والثقافي”.

وهكذا،وفي ضوء هذه التوجيهات،أثمرت مراجعة  دستور سنة 2011،العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية والاجتماعية،تكريسا للهوية المغربية في مختلف جوانبها،وتجسيدا لدولة الحق والقانون،في سعيها للفصل بين السلط،وترسيخا للبناء الديمقراطي المؤسساتي.

الآن،وفي ظل كل هذه التطورات المتلاحقة، هل يصح التساؤل: هل استنفذت حركة 20 فبراير أغراضها؟بعض القريبين منها،ممن عايشوها،وما زالوا إلى جانبها،يعترفون  أن الحركة تراجعت فعلا إلى الوراء،وتقلص حضورها كمكون احتجاجي،لكن بعض أهدافها،مازالت بعيدة المنال،وضمنها محاربة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية،ولذلك فإنها كفكرة لم تمت، في نظرهم،خاصة وأن الأفق الذي تسعى إليه هو  الشعار الذي انبنت عليه هو”حرية،كرامة،عدالة اجتماعية”.

في الأسبوع الأخير،انعقد  لقاء في المدرسة العليا للتسيير، بمدينة الرباط،تمحور اساسا حول موضوع “من الربيع إلى الخريف..التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعد 2011″،خلص فيه المشاركون إلى القول، إن مسوغات اشتعال الحراك الاجتماعي، في الدول العربية، ستظل قائمة،ما لم تتم معالجة المشاكل الاجتماعية،وفي مقدمتها الفقر والبطالة والهدر المدرسي،وعدم تكافؤ الفرص،في غياب سيادة العدالة الاجتماعية، التي تبقى وحدها الضامن الآمن للاستقرار الاجتماعي،في أي بلد كيفما كان موقعه على شساعة الخريطة الكونية.