طرح الكاتب والصحافي التونسي نزار بولحية عدة تساؤلات حول مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية، من قبيل “هل سيكون من الممكن للجزائر أن تغمض عينيها طويلا، وتتجاهل التحولات الجيوسياسية المهمة، التي بدأت تطفو بقوة على سطح محيطها الإقليمي؟ أليست الواقعية هي التي ستجعلها بالنهاية تعيد التفكير في كثير من خياراتها؟ فلئن دأب المغرب على مد يده لها باستمرار، وظل خلال السنوات الأخيرة يقدم مبادرات للصلح معها، فإن السؤال هنا هو، هل آن الأوان اليوم للجزائر لأن تتقدم بدورها بعرض ما لجارتها الغربية، يطوي صفحة الخلافات معها، ويفتح بدلا منها صفحة أخرى للحوارات والتفاهمات؟”.
وفي مقال تحت عنوان “هل ستعرض الجزائر مبادرة على المغرب؟”، نشر على أعمدة صحيفة القدس العربي، أوضح اللمحلل التونسي ان ما حصل أواخر العام الجاري قد يكون مؤشرا مهما على أن ذلك ربما يبدو ممكنا في السنة المقبلة. ولعلها كانت بالفعل واحدة من أكبر مفاجآت 2023 حين صرّح وزير الخارجية الجزائري، في مقابلة بثتها قبل أيام قناة “الجزيرة” على منصة أثير بأن بلاده هي “الأكثر ميلا للإسراع بإيجاد حل مع المغرب”، قبل أن يجيب المذيعة حين سألته وبنوع من التعجب والاستغراب: “أنت شخصيا هل ما زلت تؤمن بمغرب عربي؟1″، بالقول: “طبعا وننتظر بفارغ الصبر اليوم الذي نستطيع فيه تحقيق ذلك”.
وتابع أنه لا شك في أن تزامن اجتماع المغرب ودول ااساحل بمراكش مع تصاعد التوتر بين الجزائر ومالي بعد استدعاء البلدين لسفيرهما في أعقاب ما اعتبرته السلطات المالية “أفعالا غير ودية” و”تدخلا في الشؤون الداخلية”، من جانب الجزائر جعل كثيرين يتساءلون الآن إن كانت الرباط قد نجحت في سحب البساط من تحت أقدام جارتها الشرقية واستطاعت أن تكتسح مواقع استراتيجية مهمة قد تعجل بقلب خريطة التوازنات الإقليمية رأسا على عقب
وأبرز أن المؤكد أن التحركات المغربية في المنطقة باتت تشكل هاجسا كبيرا بالنسبة للجزائر، ودفعت جانبا من إعلامها للتعبير عن ذلك القلق من خلال الحديث عن ما أسمته “مؤامرة ثلاثية الأضلاع تجمع الرباط وأبوظبي وتل أبيب وتهدف لمحاصرة الجزائر، وضرب علاقاتها بدول الساحل بشكل خاص”، مشددا على أنه بغض النظر عن مثل تلك التبريرات، فإن الواقع الجيوسياسي الجديد قد يكون فرصة استراتيجية ثمينة لإعادة ترتيب البيت المغاربي من جديد، وقد يطرح على الجزائريين أيضا ضرورة القيام بتقييم موضوعي وهادئ لسياساتهم في المنطقة قد يفضي بهم إلى إقرار مراجعات باتت اليوم وقبل أي وقت ملحة ومطلوبة.