من أبرز الأحداث التي ميزت سنة 2023 بالمغرب، إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية، ورأس السنة الميلادية.
ولقي هذا القرار احتفاءً واسعاً في الأوساط المغربية، كما وصفت فعاليات أمازيغية عديدة هذا القرار الملكي بـ”التاريخي”.
ويرى مراقبون أن القرار يؤكد حرص الدولة المغربية على مواصلة مسار إنصاف الأمازيغية باعتبارها رصيدا وطنيا مشتركا لكل المغاربة، ومكونا رئيسيا للهوية والثقافة الوطنية.
وكان بلاغ للديوان الملكي أعلن يوم الأربعاء 3 ماي 2023، أن الملك محمد السادس تفضل بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية في المغرب.
وقال البلاغ حينها: إن “القرار الملكي يأتي تجسيدا للعناية الكريمة، التي ما فتئ يوليها الملك، للأمازيغية باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء. كما يندرج في إطار التكريس الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية”.
وبعدها بأشهر قليلة، حددت الحكومة بشكل رسمي، يوم 14 يناير من كل سنة عطلة رسمية مؤدى عنها في جميع القطاعات، بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.
وقد حظيت هذه الخطوة بترحيب من كل أطياف الحقل السياسي والجمعوي بالبلاد.
ويتم خلال هذه المناسبة إحياء طقوس وعادات متوارثة منذ مئات السنين تحتفي بالأرض وخيراتها.
قرار تاريخي
وحيال ذلك، قال رئيس التجمع العالمي الأمازيغي رشيد رخا، إن سنة 2023 والتي سنودعها بعد أيام قليلة يمكن اعتبارها “تاريخية”، حيث تم خلالها إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية ومؤدى عنها ببلادنا.
وأضاف راخا في تصريح لـ”مشاهد24″، أن أعلى سلطة في البلاد وهو الملك محمد السادس تفاعل بشكل إيجابي مع أبرز مطالب الحركة الأمازيغية وأعطى تعليماته للحكومة قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي.
وشدد راخا على أن الأمازيغية بتراكماتها وتاريخها الحضاري الواسع باتت تحظى أيضاً بالتقدير من طرف الهيئات الأممية.
ورأى المتحدث أن ملف الأمازيغية “شهد زخماً كبيراً خلال هذه السنة التي سنودعها، غير أن بعض الوزارات لم تتفاعل بشكل إيجابي وتعاملت بنوع من السلبية”.
وأردف رئيس التجمع العالمي الأمازيغي قائلا: “كل ما تحقق خلال هذه السنة يمكن اعتباره إيجابياً، ونحن نسعى إلى المزيد من قبيل تحقيق المساواة في تعميم اللغة الأمازيغية انطلاقا من التعليم الأولي إلى الجامعة، وأيضاً الاشتغال على برامج لمحو الأمية باللغة الأمازيغية، وتدريس أبناء المهاجرين اللغة الأمازيغية على غرار العربية، وإدخال الأمازيغية في خطب الجمعة وغيرها”.
إنصاف الأمازيغية
بدوره، قال الصحفي بقناة الأمازيغية مولود رابح، إن إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية بالمغرب – وهو حدث بارز ميّز السنة التي سنودعها – أثلج صدورنا، وذلك على اعتبار أن هذه الخطوة نادت بها الحركة الأمازيغية منذ سنوات طويلة، خصوصاً وأن دستور المملكة المغربية لسنة 2011، ينُصّ على رسمية الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية.
وأردف مولود في تصريح لـ”مشاهد24″، أن القرار يُمثل استمرارية لمسار إنصاف الأمازيغية الذي انطلق مع خطاب أجدير التاريخي في 17 أكتوبر 2001، وما أعقبها من خطوات هامة، منها تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وإطلاق قناة “الأمازيغية”، وغيرها.
ورأى المتحدث أن كل ما تحقق إلى حدود الساعة يمكن اعتباره “إيجابيا” وفي نفس الوقت “ليس كافيا”؛ وهذا ما يستوجب “إرادة سياسية حقيقية من طرف الحكومة للنهوض أكثر بالثقافة الأمازيغية، وتعزيز حضور اللغة الأمازيغية في مناحي حياة المغاربة وتحديدا في قطاع التعليم، كما يستوجب على الحكومة تخصيص موارد مالية هامة لتنفيذ وإخراج برامج في هذا السياق”.
في الحقل الإعلامي – يستطرد مولود – فإن الأمازيغية كلغة وثقافة بدأت تأخذ حقها بشكل ملموس منذ إنشاء قناة الأمازيغية، لكن رغم ذلك “طموحنا أكبر من ذلك”. على حد تعبيره.
هذا، وتطبع ليلة رأس السنة الأمازيغية، طقوس احتفالية شعبية ذات دلالات عميقة، من خلال إعداد أطباق ووجبات خاصة، والاحتفال بأهازيج جميلة.