كم هي محزنة تلك المشاهد التي بثتها القنوات الفرنسية، عندما أظهرت رئيس الجمهورية الجزائرية وهو يستقبل الوفد الفرنسي في طابع هزلي بائس.
وكم هي مقرفة تلك التعليقات التي عبر من خلالها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات جارحة تدمي القلوب، وكم هو مسكين هذا الشعب الجزائري، الذي بقي حائراً في أمره، أيضحك على نفسه أم يبكي بدل الدمع دماء؟!
فما يجري في الجزائر هذه الأيام من مسرحيات مملة، فصولها لا تكاد تنتهي، لا يبعث فقط على القلق والريبة، بل يجعلنا نخاف من مستقبل لا يبشر بالخير، فالتعفن وصل مداه لدرجة أن رائحته النتنة، المنبعثة من قصر المرادية، أصبحت تزكم أنوفاً ساكنة أقصى الجنوب، الرئيس يا جماعة الخير أصبح مسخرة عند الفرنسيين، وكل هذا بتواطؤ من محيطه الذي يتلاعب به كيفما يشاء، فحجر عليه كما يحجر على شخص غير مسؤول عن تصرفاته.
هل يعقل أن تقبل عائلة الرئيس – رئيس دولة بحجم قارة – بهذه المهزلة التي لم يسبق لها مثيل في البؤس والهوان؟
رئيس مريض منهك القوى، يتم تحنيطه، ثم يضعونه على كرسي، بالكاد يحرك شفتيه وهو يتحدث مع الوزير الأول الفرنسي، الذي تركه يتمتم وحده، غير مكترث بما يقول، أدار وجهه هذا الـ”فالس” أمام الكاميرات العالمية، وكأنه يدعوهم لتصوير لقطات فريدة من نوعها، قد لا تتكرر مرة أخرى خلال مسارهم المهني.
إقرأ أيضا: بوتفليقة جسد من دون روح في صورة بألف كلمة
رئيس لا يعلم ما يقول، يطبق تعليمات “مختطفيه” بالحرف الواحد، يلوح بيده شمالاً تارة ويميناً تارة، ويمسك كأس الماء تارة أخرى، ليحاول إقناع الشعب الجزائري بأنه موجود ويقوم بمهامه الدستورية على أحسن وجه، نعم.. هو يفعل ذلك كما شاهده العالم في كل المحطات التلفزيونية والصحف الدولية، غير أن وجهه الشاحب والشارد يخونه ويثبت عكس ذلك تماماً، فالرئيس في أمس الحاجة إلى فترة نقاهة طويلة.. لا، بل إلى راحة أبدية.
كيف لا؟ ونظراته البائسة تبعث لنا برسائل واضحة وغير مشفرة يستغيث من خلالها الشعب الجزائري، طالبا منه النجدة، لينزع عنه القيد ويفك أسره من مختطفيه؛ تلك الشرذمة التي اختطفت قبله بلداً بأكمله، جعلت منه رهينة بين أيديهم.
وجدت الوطن غالياً، هان عليها، فباعته للمستعمر الفرنسي بثمن زهيد، فهي تظهر ولاءها للرئيس وتقيم له الكرنفالات من أجل التهريج والتموقع، وبكل وقاحة اختارت أن تشيد جدار العار ليفصلها عن الشعب الجزائري وسمته ظلماً وبهتاناً الجدار الوطني.
هم لم يكتفوا بذلك! فقد أراد هؤلاء المرتزقة إتمام مهمتهم القذرة بمحو كل ما بقي من آثارٍ جميلةٍ تشهد لمجد هذا الوطن وعزته، فأذلوا شعبه، ونهبوا ثرواته، وطمسوا هويته، وهم الآن يبحثون لهم عن مخرج ليفروا بجلودهم ويتركوا الرئيس يصارع وحده مصيراً مجهولاً، هذا الرئيس الذي لا يستطيع حتى الدفاع عن نفسه من تاريخ لا يرحم، تاريخ يسجل كل آهات شعب مقهور، خانه أصحاب القرار بعد أن كانوا محل ثقة ووقار.
كاتب جزائري/”هافينغتون بوست عربي”