بقلم: سعد بوعقبة*
هذا لا يحدث إلا في الجزائر !جائزة رئيس الجمهورية للصحفي المحترف تمنح لفائزين لا نعرف أسماءهم ! لأن اختيارهم تم بطريقة سرية…!
هل رئيس الجمهورية الذي تُسلم الجائزة باسمه “يحشم” بأسماء هؤلاء الفائزين.. أم أن الأمر يتعلق بتطبيق أسرار أمن الدولة حتى على منح الجوائز باسم الرئيس!
يبدو أن الابتذال بلغ مداه في قطاع الإعلام ووصل إلى حد ممارسة الإعلام السري حتى في المسائل التي لا تقبل السرية!حيث يعلن عن تنظيم حفل لتوزيع الجوائز باسم الرئيس والرأي العام لا يعرف من فاز بهذه الجوائز؟ رغم أن الأصل في الفائز بجائزة رئيس الجمهورية أن يكون معروفا في أوساط الصحافيين، ولا “يحشم” الرئيس أو الوزير أو رئيس اللجنة التي اختارته للفوز بإعلان اسمه للناس؟!
أولا: الخطأ الأول في هذه الجائزة هو استبدال اسمها من جائزة الدولة للصحافة إلى جائزة رئيس الجمهورية… فالصحفي المحترف حقا يشرفه أن يأخذ جائزة الدولة وليس جائزة الرئيس؟!
ثانيا: وضع هذه الجائزة في سياق الصيغ المبتذلة التي تستخدم بطريقة بائسة مثل صيغ “تحت الرعاية السامية للرئيس”، وكم هي مبتذلة هذه الصيغة حين يعرف السامع أن الرئيس نفسه هو الذي تحت الرعاية ويمارس الرعاية على غيره؟!
للمزيد:حنون لبوتفليقة: لا حياة لمن تنادي..
ثالثا: أما المبلغ الذي أقرته الوزارة باسم الرئيس ليكون جائزة الرئيس للصحفي المحترف، فهو بدوره يبعث على الضحك! فأعلى مبلغ للجائزة هو مليون دينار جزائري! وهو مبلغ يعادل المخلفات التي أخذتها عاملة نظافة في سوناطراك كتعويض عن زيادة الأجور بأثر رجعي في هذه الشركة؟!
الصورة كاريكاتورية ولكنها حقيقة وتعكس مستوى احترام الرئيس أو من يمثله للصحفي المحترف وللصحافيين !
الواقع أن “البهدلة” التي تقوم بها وزارة الإعلام لرجال الصحافة ونسائها تدل على “بهدلة” الوزارة لسمعة الرئيس نفسه، بإسناد إليه مثل هذه الممارسات التي لا تمت بصلة للمهنة أو الاحترافية.
عندما تكون قيمة الإشهار للجائزة أكثر من قيمة الجائزة نفسها بعشرات المرات، وتكون مصاريف حفل تسليم الجائزة أكثر من مصاريف الجائزة بعشرات المرات، ويتم الأمر بطريقة سرية وبالتهريب.. فلكم أن تتخيلوا جدية رعاية الدولة والرئاسة لهذه المهنة أصلا! فلو كانت الرئاسة تحترم الصحافة ما كانت تسمح بتولي أناس قيادة هذه المهنة وهم بمثل هذا المستوى من الرداءة؟!
*صحفي جزائري/”الخبر”