يقبع في السجون التونسية حاليا صحافيون ومدونون ونشطاء ومعارضون من كل العائلات الفكرية، أغلبهم بلا محاكمة، وبلا تقدم في مسار التحقيق، في مشهد يحوّل بلد الثورة والربيع العربي إلى سجن كبير أبوابه مشرعة لكل من يعارض أو حتى يهمس برأي مخالف.
وتصاعدت في الأيام الأخيرة موجة التحقيق مع المعارضين أساساً، بأي ذريعة كانت، حتى لو كانت كلمة بسيطة في تدوينة أو صحيفة أو تصريح إذاعي عابر.
هذا الوضع جعل السلطة في تونس تتعرض إلى هجوم حاد من قبل أطراف عديدة ترى في المسار السياسي الذي انتهجه رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ 25 يوليوز 2021 تكريسا للاستبداد والتسلط وعودة إلى الديكتاتورية التي كانت سائدة قبل أكثر من عقد.
وترى هذه الأطراف أنه على النظام أن يعي ذلك جيدا وأن يدرك أن عقارب الساعة لا يمكن أن تعود إلى الوراء وأن القوى الحية وإن كانت تضع تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أولوية في الوقت الحاضر شأنها شأن عموم المواطنين، إلا أنها سرعان ما ستثوب إلى رشدها بعد تحقق هذه المطالب ليعود مطلب الحرية هو الأساس، مشددة على أن تاريخ تونس هو بامتياز تاريخ ثورات، وانتفاضات، ومطالبات بالإصلاح وتغيير الواقع، ومحاربة للاستبداد والتسلط في كل العهود وكل الحقب الزمنية دون استثناء.