تتجه أنظار الرأي العام الإسباني إلى ما ستفضي إليه الأسابيع المقبلة بعد أن تمخضت الانتخابات البرلمانية عن بلقنة للنتائج.
الانتخابات، وإن حملت “فوز الحزب الشعبي” بالمرتبة الأولى بعد حصوله على 123 مقعدا، إلا أنها لا تؤهله للحصول على أغلبية برلمانية بالنظر إلى أن مجموع المقاعد بالبرلمان يبلغ عددها 350.
هذا الوضع يجعل الحزب الذي يقود الحكومة الحالية في موقف صعب بخصوص التحالفات التي يمكن أن يعقدها لتشكيل حكومة جديدة.
خلف “الحزب الشعبي” حل الغريم التقليدي المتمثل في “الحزب الاشتراكي” بعد حصوله على 90 مقعدا، أي ما يعادل 22% من الأصوات.
التغير الحاصل في الخريطة السياسية الإسبانية وتحول موازين القوى نحو الحزبين الصاعدين، “المواطنة” و”بوديموس“، يرجعه المراقبون إلى تبعات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها إسبانيا منذ سنوات وما خلفته من سياسة تقشف انتهجتها الحكومة.
هكذا حل “بوديموس”، الذي تم تأسيسه قبل سنتين بعد مخاض تميز بحركية في الشارع الإسباني احتجاجا على الطبقة السياسية في البلاد، حل ثالثا بعد حصوله على 69 مقعدا، أي 21% من أصوات الناخبين.
أما حزب “المواطنة” فقد حصد 14% من أصوات الناخبين بعد حصوله على 40 مقعدا.
التقدم اللافت الذي سجله هذان الحزبان يعتبر لدى البعض مؤشرا على نهاية الثنائية الحزبية التي ميزت الممارسة السياسية بإسبانيا، بعد أن ظل الحزبان “الشعبي” و”الاشتراكي” يتناوبان على السلطة بأريحية.
“إسبانيا لن تعود كما كانت”، هكذا علق بابلو إغليسياس، زعيم “بوديموس”، في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات، مضيفا، “هذا يوم تاريخي بالنسبة لإسبانيا. في كل مرة تنظم انتخابات تحقق قوى التغيير تقدما”.
فبعد أن كان الحزبان الكبيران يحصلان في السابق على نسبة تصويت تتراوح ما بين 70% و80%، تراجعت هذه النسبة إلى 50% فقط في الانتخابات الحالية.
زعيم حزب “المواطنة”، ألبير ريفيرا، قال، “اليوم تبدأ مرحلة جديدة من الأمل والحماس”. هذا الحزب الذي تم تأسيسه عام 2006 كحزب إقليمي من أجل مواجهة النزعات الانفصالية داخل كتالونيا، حقق صعودا قويا بعد أن وسع نشاطه العام الماضي ليشمل باقي التراب الإسباني.
نتائج الانتخابات الإسبانية وضعت “الحزب الشعبي” أمام تحد كبير. فبالرغم من أن رئيس الحكومة الحالية، ماريانو راخوي، لديه فرصة من أجل تشكيل حكومة جديدة بالرغم من انتهاجه لسياسة التقشف غير الشعبية، إلا أنه يعي تماما حساسية الموقف.
“سأحاول تشكيل حكومة، لكن الأمر لن يكون سهلا”، هكذا خاطب راخوي مناصري حزبه بعد ظهور النتائج.
المقاعد التي حصل عليها “الحزب الشعبي” لا تؤهله لتشكيل حكومة رفقة حزب “المواطنة”، الذي يحسب على وسط اليمين، مما يعني قربه أيديولوجيا من الحزب الحاكم.
لجوء “الحزب الشعبي” إلى خيار تشكيل حكومة أقلية سيعني وضع سيف ديموقليس على رقبتها بحيث أنها ستكون مهددة بتصويت لسحب الثقة منها داخل البرلمان.
من جانب آخر يبقى الحزب اليميني أمام خيار إبرام تحالف مع خصمه اللدود، “الحزب الاشتراكي”. هذا التحالف تم رفضه من قبل قيادتي الحزبين أثناء الحملة الانتخابية. فهل تدفع المعطيات الجديدة الحزبين إلى تغيير موقفهما؟
إقرأ أيضا: أكمير لـ “مشاهد24”: “انفصال كتالونيا سيكون وخيما على إسبانيا والاتحاد الأوروبي”