يعتقد حوالي 90 في المائة من الراي العام الإسباني أن زمن”ماريانوراخوي”، قد انتهى وربما ولى إلى غير رجعة، وبات عليه الانسحاب بشرف لتسهيل مهمة تشكيل حكومة جديدة حتى يحسب له ذلك في سجل حسناته السياسية.
وتقترح نسبة عالية من المستجوبين انضمام الحزب المحافظ الي الاتفاق الذي توصل اليه،مساء أمس الأربعاء، الحزب الاشتراكي العمالي وثيودادانوس، وما زال مفتوحا امام الحزب الشعبي، بالنظر إلى تقارب المواقفوالمرجعيات بين الثلاثة بخصوص القضايا الوطنية الكبرى مثل تعديل الدستور ووحدة البلاد ورفض انفصال اقليم كاتالونياوغيرهما من الإصلاحات المؤسساتية التي تحتاجها إسبانيا بضغط من الراي العام الإسباني بعدما استنفد الانتقال الديموقراطي اهم أهدافه.
للمزيد:اسپانيا بين إعادة الانتخابات وحكومة ضعيفة في مواجهة عواصف قوية!
وفي هذا الصدد يأمل زعيم حزب “ثيودادانوس” البرت ريفيرا، إقناع “راخوي” بعد الاجتماع به قريبا، بإعطاء إشارة الضوء الأخضر لأنهاء الأزمة السياسية العميقة التي تواجها إسبانيا منذ عودة الديموقراطية ،عقب وفاة الديكتاتور فرانكو نهاية العام 1975
إلى ذلك رحبت بعض الصحف بمضمون الاتفاق بين ريفيرا وسانشيث، رغم بنوده المطاطة لكنها اعتبرته يمثل الحد الأدنى الممكن أمام تشدد حزب بوديموس، في مواقفه وإصراره على استثناء”ثيودادانوس” من تحالف حكومي سعى اليه الحزب الفتي ستتولد عنه، في اعتقاد “بابلو إيغليسياس ” حكومة التغيير التقدمي؛ رغم أن الاطراف التي يستند عليها التحالف المأمول لا يتوفر على الأغلبية العددية في مجلس النواب الإسباني.
وعلى الرغم من النقد العنيف بل والساخر الذي قابل به الحزب الشعبي الاتفاق الثنائي بين الاشتراكيين وثيودادانوس، فإن الحزب الحاكم شكليا حتى الوقت الراهن، يحس بحرج بالغ وتمزق داخلي ،بل إن محللين كثيرين يجمعون على أن زعيمه ،ماريانوراخوي ، انتهت ساعته واخطأ منذ البداية حين اعتذرعن تكليفه من طرف العاهل الإسباني ، تجريب حظه في محاولة جمع اغلبية برلمانية لمنحه الثقة باعتباره الحزب الشعبي المتصدر لنتائج انتخابات العشرين من ديسمبر الماضي .
وساهم الكشف عن ملفات فساد مالي واستغلال النفوذ في عدد من المناطق الإسبانية ثبت تورط قياديين ومسؤولين حزبيين فيها وتمويل الحزب الشعبي من عمولات حصل عليها لقاء تسهيل حصول شركات على صفقات غير شفافة .
وفي هذا السياق يرى محللون أن الفساد ضرب أطنابه وتغلغل في مفاصل الحزب الشعبي، لدرجة اصبح معها عقيدة راسخة ومرضا هيكليا فقد معه الحزب رصيد شعبيته، ونسي الرأي العام الإسباني ما حققه للبلاد من إنجازات وخاصة في الولاية الأخيرة بعد ان استلم الحكم وإسبانيا في وضع اقتصادي حرج.
إقرأ أيضا:إعادة الانتخابات لن تحل أزمة إسپانيا وشبح اليونان يهددها!!
ويتعلل قادة الحزب الشعبي، الذين يمثلون كثيرا في هذه الأيام أمام وسائل الإعلام الوطنية ، أن حزبهم فاز بالمرتبة الأولى في الاستحقاقات التشريعية وبالتالي فهو الأحق دستوريا بقيادة الحكومة ؛ مشددين على أن انفراج الأزمة ممكن إذا ما انضم إليهم الاشتراكيون وثيودادانوس، ليشكل الثلاثة تحالفا تاريخيا غير مسبوق في البلاد، يمكن من أجراء الاصلاحات الكبرى وتعديل الدستور وقطع الطريق على النزعات الاستقلالي في اقليم كاتالونيا والجهات الأخرى التي تنتظر على أحر من الجمر ما ستفسر عنه المواجهة بين الرافضين للاستقلال والمدافعين عنه في الإقليم المتمرد.
وتصطدم دعوة الحزب الشعبي التي يحبذها قطاع من الرأي العام الإسباني،بمن فيهم قيادات اشتراكية، بعرقلتين كبيرتين: أولاهما أن زعيمي الاشتراكيين وثيودانوس:بيدروسانشيث والبت ريفيرا، استبعدا كلية اثناء الحملة الانتخابية فكرة التحالف مع الحزب الشعبي، كونه المتسبب في الأزمة الحالية ؛وهذا قبل تناسل ملفات الفساد المالي ، أما وقد استشرت روائحه، فقد اصبح المانع أخلاقيا وليس سياسيا فقط ؛علما أن أحزابا أخرى طالتها تهم فساد مثل الاشتراكيين في اقليم الأندلس، في ظل حكومات سابقة وإن بصورة أخف.
وفيما يقترب موعد مثول رئيس الوزراء المكلف، سانشيث، أمام نواب الأمة يوم الثاني من الشهرالمقبل، وسط توقعات بالفشل في نيل أغبية الأصوات ،ما سيجبره على تكرار المحاولة يوم الخامس من ذات الشهر ما تزال المواقف متباعدة دون استبعاد حدوث تطورإيجابي.
ويأمل سانشيث وريفيرا، بل يدعوان إلى ذلك ، في غياب الحزب الشعبي وبوديموس،عن حضور جلسة منح الثقة في البرلمان أو الامتناع عن التصويت ، وهو ما رفضه الحزبان المعترضان بلغة قطعية جازمة.
وإذا ما فشل ،سانشيث، وهو احتمال وراد، فإن الدور سيأتي نظريا على،ماريانوراخوي، حيث سيواجه هو الأخر برفض أقوى من سابقيه التصويت لصالحه كما يجوز دستوريا أن لا يكلفه الملك فيليبي السادس، ما دام عدد برلمانييه، دون عدد الحزبين الحليفين :الاشتراكي وثيودادانوس. 123 في مقابل 130.
وفي هذ الحالة، لن يبقى حل بديل سوى الدعوة لإجراء انتخابات تشريعية في شهر يونيو المقبل.
وتعارض أغلب الأحزاب العودة إلى صناديق الاقتراع خشية معاقبتها من طرف الناخبين ، فإن كانوا رحيمين بها فإن نتائج الاقتراع لن تغير المشهد السياسي رأسا على عقب ، إن لم تزد في بلقنته كما يحتمل أن يتراجع الإقبال على التصويت، هذا عدا الكلفة المالية المرتفعة التي يتطلبها تنظيم استحقاقات وطنية، ما يعني مثول شبح أزمة عميقة وبقوة في الأفق الإسباني المعتم .