دخلت الصناديق الاجتماعية في تونس، منعرجا ماليا خطيرا في الفترة الأخيرة والذي، وحسب الخبراء الاقتصاديين، بات مهددا بالعجز عن تأمين مصاريف التغطية الصحية وصرف رواتب المتقاعدين.
ويعتبر ملف الصناديق الاجتماعية من أبرز المشاكل التي تواجهها الحكومة التونسية، فبالرغم من إدراكها سنة 2005 للوضع المالي الخانق الذي تعرفه هذه الصناديق، إلا أن تقاعسها في إيجاد حلول عملية للمشكل الاجتماعي الأبرز، ساهم في تفاقم الأزمة التي باتت معها الصناديق الاجتماعية اليوم، على شفا حفرة من العجز عن تغطية نفقات علاج ما يناهز خمسة ملايين تونسي.
وحسب أرقام الخبراء، تجاوزت قيمة عجز الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، المخصص للموظفين الحكوميين، سقف الـ 420 مليون دينار تونسي أي ما يناهز الـ 213 مليون دولار خلال السنة الفارطة، في الوقت الذي بلغت فيه قيمة عجز الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي “المخصص لموظفي القطاع الخاص” 310 ملايين دينار.
ولعل الإجراءات الترقيعية التي قامت بها الحكومة منذ 1995، والتي همت بالأساس في رفع قيمة المساهمات وإعادة النظر في شروط التقاعد المبكر، إضافة إلى التوجه نحو رفع سن التقاعد لأسباب شخصية من سنة 50 إلى 55 سنة، لم تكن كافية نظرا إلى اقتصارها على تضخيم موارد الصناديق لفترة محدودة، دون النظر في جذور المشكل.
وتواجه الحكومة التونسية صعوبة كبيرة في إعادة التوازن للصناديق الاجتماعية، إضافة إلى تأمين استمرارية خدماتها في الفترة المقبلة، خاصة مع التوقعات التي تشير إلى احتمال ارتفاع العجز لأزيد من 4600 دينار مطلق سنة 2020.
ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي التونسي، عبد الجليل البدوي، أن أزمة الصناديق الاجتماعية هي نتاج لمجموعة من العوامل، مشيرا إلى أنه وخلال السنوات العشر الأخيرة، عرفت البلاد تراجعا حادا على مستوى التغطية الاجتماعية نظرا إلى تراجع نسب فرص الشغل في القطاعين الحكومي والخاص
ويعتقد بدوي أن توجه الحكومة التونسية نحو رفع سن التقاعد إلى 65 سنة، لن يسهم بشكل كبير في توفير الموارد المالية لتجاوز عجز الصناديق، مؤكدا أن هذه الأخيرة تعاني عجزا هيكليا بسبب المشاكل التنموية كتحسّن معدل الحياة وشيخوخة السكان إضافة إلى تهرّم الأنظمة وغيرها، الأمر الذي يحتاج إلى خطة إنقاذ مستعجلة.
هذا وكان مكتب العمل الدولي، قد اقترح على الحكومة التونسية رفع سن التقاعد إلى 65 سنة، إضافة إلى زيادة نسبة المساهمات المالية الخاصة بالأجراء والمؤجرين في القطاعين الحكومي والخاص للتخفيف من نسبة العجز الذي تعاني منه الصناديق الاجتماعية.