خلفت تصريحات وزيرة المرأة والأسرة والطفولة في تونس موجة من ردود الفعل الغاضبة، وذلك بعد أن أشارت إلى كونها بصدد تفعيل قرار يقضي بغلق روضات الأطفال القرآنية.
ووفق ما جاء على لسان الوزيرة سميرة مرعي، فإن قرار إغلاق الروضات الخاصة بتدريس القرآن يأتي بسبب “ضربها النظام التعليمي في البلاد وتهديدها لتجانس المجتمع ومصلحة الأطفال”.
وفي تصريحاتها لإحدى الصحف المحلية، أكدت مرعي عن حزب ” آفاق تونس” أحد الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم، أن موقف حزبها من الروضات الأطفال القرآنية جد واضح ويتمثل في “الإغلاق” مشيرة إلى أن الحزب لا يعارض تدريس القرآن إلا أن هذه الروضات، حسب قولها، “تضرب وتمس وحدة النظام التعليمي وتجانس المجتمع التونسي وحق الأطفال في الحصول على تنشئة سليمة ومتوازنة”.
روضات مارقة عن القانون
وفي تفاعلها مع ردود فعل التونسيين، أكدت الوزارة الوصية عبر صفحتها الرسمية أنه “يوجد عدد من روضات الأطفال العشوائية والمارقة عن القانون تدعي أنها قرآنية، في حين أنها لا تمتّ للقرآن والإسلام بصلة، بل إنها تبث قيماً غريبة عن المجتمع التونسي ومخالفة للمناهج التربوية الوطنية”.
وفي ذات السياق، أوضحت الوزارة التونسية أن قرار إغلاق هذه الفضاءات جاء لأن هذه الأخيرة لا “تهدف إلى تحفيظ وتدريس القرآن، وإنما تلقن الأطفال أشياء خطيرة، وتعمد إلى تشويه تعاليم الإسلام الحنيف من خلال تدريس عذاب القبر وتجسيد نار جهنم، ما يؤثر على نفسية الناشئة” حسب قولها.
ردود فعل غاضبة
وخلفت تصريحات الوزيرة سميرة مرعي موجة ردود فعل غاضبة في صفوف التونسيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالبوا الوزيرة بالاهتمام بقضايا أكثر أهمية وخطورة من الروضات القرآنية.
هذا ودخلت عدة وجوه سياسية وحقوقية على الخط، حيث وجهت بدورها جملة من الانتقادات إلى مرعي، ودعتها إلى معالجة المشاكل التي باتت تهدد استقرار الأسرة التونسية في الفترة الأخيرة، خاصة وتزايد حالات التحرش الجنسي واغتصاب الأطفال وقتلهم في الحضانات العادية.
تيار يدعو لإقصاء للدين
واعتبر رضوان المصمودي، رئيس “مركز دراسات الإسلام والديمقراطية”، أن قرار إغلاق روضات الأطفال القرآنية أمر غير منطقي، مضيفا أنه من غير المعقول “منع تدريس أطفالنا القرآن الكريم في بلد مسلم بحجة محاربة الإرهاب والفكر المتطرف”.
وفي نفس الإطار، قال الباحث التونسي أنه “يتوجب على الدولة مراقبة كل المدارس سواءً القرآنية أو غير القرآنية من أجل المحافظة على سلامة الأطفال من أي فكر متطرف، إلا أنه لا يجب أن يتخذ بعض المسؤولين أو السياسيين هذا الأمر ذريعةً لمحاربة أشكال التدين وكل ما يتعلق بعقيدة المجتمع التونسي المسلم”.
ووصف المصمودي وجود هذا النوع من المدارس الخاصة بتدريس القرآن موازاة مع الحضانات العادية، بالأمر الطبيعي، مطالبا الدولة بـ “ضرورة دعم مثل هذه المدارس ومراقبتها كونها تلقن الأطفال تعاليم الدين الإسلامي من اعتدال ورحمة وحب الآخرين واحترامهم، وليس دون ذلك” حسب قوله.
وإلى ذلك، وجه المصمودي تحذيرات بخصوص وجود ما أسماه “تيار علمانيا متطرفا” يفهم “العلمانية بمعنى إقصاء الدين” وليس مجرد فصل الأخير عن الدولة.
هذا وأضاف رئيس “مركز دراسات الإسلام والديمقراطية” أن لهؤلاء “فهماً منحرفاً للعلمانية، والذي يتمثل في محاربة المساجد وفضاءات تحفيظ القرآن” مشيرا أنهم بهذا التفكير الاستئصالي يضعون العلمانية في مواجهة مباشرة مع الدين ويعلنون الحرب ضدها، وطبعاً الشعب التونسي إذا خُيّر بين دينه وبين أي فكر سياسي آخر حتماً سيختار دينه”