كان توالي الصعقات السياسية مؤخرا على الساحة السياسية الجزائرية، بمثابة محاولة إنعاش هذه الأخيرة وإخراجها من الغيبوبة التي طبعتها على مدى سنوات من حكم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
فبعد الرسالة الشهيرة التي رفعتها مجموعة الـ 19-4 إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وبعد الجلبة “التاريخية” التي شهدتها قبة البرلمان الجزائري خلال هذا الأسبوع، خلقت الخرجة الإعلامية الأولى للجنرال المتقاعد محمد مدين الملقب بـ “الجنرال توفيق” الحدث في الساحة السياسية بالبلاد، مخلفة حالة من الذهول في صفوف الشخصيات السياسية الموالية والمعارضة للنظام.
“أخيرا تكلم الماجور وكسر حاجز الصمت”، عبارة تداولتها المنابر الإعلامية المحلية على نطاق واسع في وصفها للحدث “التاريخي”، الذي لم يقتصر نقاشه على الساحة السياسية، بل تسلل إلى صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كان مادة دسمة لنقاشات الجزائريين.
رسالة توفيق عنيفة وغير محايدة
ولعل خروج الجنرال توفيق للعلن بعد 25 من هالة الصمت والغموض التي أحاطت به وهو على رأس جهاز المخابرات العسكرية، ودفاعه عن الجنرال عبد القادر آيت واعرابي، خلفت موجة من ردود فعل تراوحت بين التأييد والعتاب، ففي الوقت التي نوهت فيه المعارضة برسالة توفيق “الشهيرة”، اعتبرها حميد قرين، وزير الاتصال الجزائري بـ “محاولة التشكيك في العدالة”.
وعلى غرار عدة شخصيات بالبلاد، عبر غرين عن اندهاشه من رسالة مدين، مشيرا بالقول ” أستغرب أن ضابط سابقا رفيع المستوى كالجنرال توفيق، يعرف جيدا حقوقه وواجباته والتي على رأسها السرية، يخرج ويندد بحكم المحكمة العسكرية، وهو أول من يعلم أننا لا نندد بقرارات المحكمة”.
وفي تصريحاته لموقع “TSA” الإخباري، وصف وزير الاتصال رسالة الجنرال توفيق بـ “العنيفة” و”البعيدة عن الحياد”، مضيفا أنه ورغم احترامه الشديد للجنرال، الذي خدم البلاد في فترة من الفترات حسب قوله، إلا أنه حاول التشكيك في سيادة القانون والقضاء بالبلاد من خلال رفعه هذا البيان.
وفي حديثه عن دوافع رئيس المخابرات العسكرية السابق، أوضح غرين أنه غير معني بمعرفة دوافع الجنرال المتقاعد، إلا أن تصريحات هذ الأخير “العنيفة” كما وصفها، والمشككة في العدالة يمكن أن تخلق اضطرابات داخل البلاد.
ودعا الوزير كلا من الجنرال توفيق وباقي الأشخاص الذين تولوا مناصب مسؤولية في السابق بالجزائر، إلى ضرورة التحلي بالحكمة والمسؤولية تجاه تصريحاتهم، خاصة في الفترة الراهنة، تجنبا لإشعال فتيلة العنف داخل البلاد.
الموس وصل إلى العظم
واعتبرت خليدة تومي، وزيرة الثقافة السابقة وعضو مجموعة 19-4، رسالة الجنرال توفيق جاءت لتعزز المبادرة التي أطلقتها مجموعتها قبل مدة، والتي طالبت من خلالها بلقاء الرئيس بوتفليقة، حيث أشارت بالقول “لا يمكنه ألا يرد بوتفليقة على رسالة رسمية تصله من الفريق توفيق”، مؤكدة أنها باتت على قناعة بكون “التسيير المؤسساتي والشرعي للدولة لم يعد موجودا، حتى في الشؤون العسكرية وهذا خطير جدا”.
وأضافت خليدة تومي أن إقرار الجنرال توفيق بأن خرجته الإعلامية “سابقة” يؤكد أن اضطراره للخروج للعلن وكسره حاجز الصمت لم يأتي من عدم، وإنما نتيجة للوضع الخانق الذي باتت تعرفه البلاد على جميع المستويات، موضحة بالقول “خروجه عن واجب التحفظ لم يأت إلا لأن الموس وصل إلى العظم، ولأن التسيير المؤسساتي العادي توقف، ولأن الظلم المتفشي في حق الإطارات السامية وصل إلى مستوى لا يمكن السكوت عنه، ليس فقط في القطاعات المدنية التي تحدثنا عنها في تشخيصنا “مجموعة 19” ولكن تفشى أيضا في مؤسسة الجيش”.
وأكدت تومي أنها، إلى جانب شخصيات المبادرة التي أطلقتها، تنتظر ردا من الرئيس بوتفليقة على الرسالة التي وجهها توفيق، مشيرة بالقول “ننتظر ردا من الرئيس بوتفليقة لأنه يعرف طقوس الدولة التي تحترم نفسها ونعرف أنه لا يقبل بالنظام الموازي”.
وأضافت خليدة تومي أن رسالة توفيق تحمل عدة شفرات سياسية، كان أبرزها أن التهم الموجهة إلى الجنرال حسا غير صحيحة، متسائلة مرة أخرى إن كان الرئيس بوتفليقة، العائد يوم أمس السبت من مستشفى “غرونوبل” الفرنسي، على علم بكل ما يحدث بالبلاد.
هذا ووجه الجنرال المتقاعد محمد مدين، رسالة دافع من خلالها عن الجنرال عبد القادر آيت واعرابي الملقب بـ “حسان”، الذي حكم بالسجن لمدة 5 سنوات.
إقرأ أيضا:أخيرا نطق “رب الجزائر” !!!