رغم مضي أكثر من نصف شهر على تنحية محمد مدين من رئاسة المخابرات العسكرية، لا تزال الأنظار موجهة إلى القرار الرئاسي، الذي وصفه البعض بـ “الغامض”، خاصة وأن بعض المراقبين للشأن الجزائري يرون فيه تمهيدا صريحا لمرحلة “ما بعد بوتفليقة”.
وعلى غرار عدد من الوجوه السياسية بالجزائر، يرى محمد السعيد، رئيس حزب الحرية والعدالة أن تنحية الجنرال توفيق من رأس جهاز الاستعلامات والأمن، يبقى قرارا “غير شفاف وغير طبيعي” نظرا إلى حملة التعديلات التي استهدفت هذا الجهاز الذي يعد بمثابة العمود الفقري للدولة، حيث حرص محيط الرئيس على تقليص صلاحياته وتنحية عدد من مسؤوليه البارزين كان آخرهم محمد مدين.
ويرجع السعيد غموض القرار إلى غياب المساطير القانونية المقننة لقرارات الترقية والتعيين والعزل ببلاده، والتي عادة ما تحاط بهالة من السرية بسبب انعدام الشفافية في إدارة الشأن العام.
وبخصوص تعدد قراءات قرار التنحية، والذي رأى البعض أنه تمخض عن صراع بين بوتفليقة والجنرال توفيق، علق السعيد أن عدم توفر المعلومات الكافية بخصوص قرار بهذا الحجم يدفع البعض إلى محاولة فهم الوضع عن طريق الاجتهاد وإعطاء تأويلات مماثلة.
وأبدى رئيس حزب الحرية العدالة قلقه تجاه الدوافع الخفية لتجريد جهاز المخابرات العسكرية من بعص الصلاحيات وتنحية رئيسه الجنرال توفيق، مشيرا بالقول “في حالة ما إذا كان الهدف هو التخلص من شخص بعينه، فإن الأمر يصبح مصدر قلق إلى أن تنجلي معالم هذه الخطة”.
وأضاف السعيد أن التعديلات التي جرت في الآونة الأخيرة لا تشير إلى سير البلاد نحو إعادة بناء دولة ديموقراطية، معللا ذلك بكون السنوات الماضية أكدت أن عقلية الحكم بالبلاد لن تستجيب لمطلب التغيير عن طريق بناء دولة ديموقراطية، وإعطاء الكلمة للشعب الجزائري.
وأشار السعيد أن الأحداث التي تشهدها دواليب السلطة منذ سنتين هي دليل واضح على الصراع القائم بين رجال الرئيس، الذين يتحركون استعدادا لمرحلة ما بعد بوتفليقة .
إقرأ المزيد:تنحية الجنرال توفيق..فصل جديد من مسلسل تصفية الحسابات
هذا وأكد السعيد أنه وفي ظل غياب المعطيات الدقيقة، فإن موجة إعادة ترتيب الأوراق تشير إلى سعي محيط بوتفليقة لتمهيد الطريق أمام شقيقه سعيد بوتفليقة لرئاسة البلاد، وذلك ضمانا لامتيازاتهم حتى ولو كان على حساب مصلحة البلاد.