“باتشاي”.. أو شهر رمضان في الصين

(” رصيف 22″ ــ رامي مهداوي)

في أقدم جامع في الصين، التقى “رصيف22” مصادفةً “سينوغ فينومستيغ” المعروف بإسم حسّان، وهو أحد موظفي الجمعية الإسلامية الصينية التي تهدف إلى رعاية الشؤون الإسلامية.

يتحدث حسّان اللغة العربية الفصحى بطريقة جيدة جداً. وقال: “باتشاي هو اسم شهر رمضان المبارك في الصين. وهنا الباتشاي يشبه ما تشهده باقي الدول الإسلامية رغم اختلاف بسيط في بعض الممارسات والشعائر الدينية”.

وأضاف: “يتميّز شهر رمضان من خلال العديد من الأنشطة الدينية التي يمارسها الصينيون مثل تلاوة القرآن قبل صلاة التراويح، وفي صلاة التراويح نرفع أصواتنا بالدعاء بعد انتهاء كل ركعتين: يا مقلب القلوب والأبصار، يا خالق الليل والنهار، اللهم قوِّ إيماننا لنثبت على طريق الحق والإيمان”.

وتابع: “ما يميز شهر رمضان في الصين هو السهر للتعبّد حتى مطلع الفجر وإقامة ليلة القدر بأعداد تصل إلى عشرات الآلاف في المسجد الواحد، وأيضاً يبدأ الدعاة وأئمة المساجد في إلقاء دروس للمسلمين حول تعاليم القرآن ودروس تتعلق بالصوم وآدابه والسنن النبوية”.

الإسلام في الصين:

الصين دولة مترامية الأطراف، تبلغ مساحتها 9.6 ملايين كيلومتر مربع، وهي أكبر دولة في قارة آسيا والثالثة من حيث المساحة في العالم بعد روسيا وكندا. أما عدد مواطنيها فيصل إلى نحو مليار و350 مليون نسمة يعيشون في مناطق جبلية تمثل ثلثي المساحة الكلية. وفي الصين 54 لغة أكثرها تداولاً لغة “الهان”، أما اللغات الأخرى فهي 22 لغة منطوقة وغير مكتوبة و21 لغة منطوقة ومكتوبة. أما الأديان الرئيسية المعترف بها فهي خمسة: التاوية، البوذية، المسيحية الكاثوليكية، المسيحية البروتستانتية، الإسلام.

وصل الإسلام إلى الصين تقريباً سنة 29 للهجرة منتشراً عن طريق الفتوحات الإسلامية. فقد فتح قتيبة بن مسلم الباهلي تركستان الشرقية، وانتشر الدين الجديد من خلال التجارة البحرية في المناطق الساحلية، وعن طريق الدعوة والانتقال إلى المناطق الداخلية لا سيما المجاورة لتركستان الشرقية. ويبلغ عدد مسلمي الصين حسب الإحصاءات الرسمية قرابة 25 مليوناً، يتركزون في مقاطعتي “زينج يانج” و”نينج زيا”، وهي مناطق مستقلة تقع جنوب غرب الصين وفي وسطها. وفي مقاطعة “هينان” يوجد أكثر من 750000 مسلم.

مسجد “نوجي”:

في الصين كما في البلاد العربية تتضاعف نسبة المصلين في المساجد في شهر رمضان. يوجد في بلاد التنين أكثر من 43 ألف مسجد، أحدها هو مسجد “نوجي” في بكين. هو مسجد قديم عمره أكثر من سبعمئة عام ويقع في شارع قديم يسمي “حي البقر” لأن سكانه أشتهروا بتربية الأبقار، ويقيم فيه الآن نحو 150 ألف مسلم وهو رقم لا يعتبره المسلمون الصينيون كبيراً إذا ما تمت مقارنته بعدد سكان العاصمة. ونذكر أن معظم المسلمين يتركزون في المنطقة الغربية من الصين.

“رصيف22 ” تحدث مع عدد من المصلين الصينيين في المسجد، وبسبب صعوبة الترجمة التي قام بها “حسّان” وانشغال الجميع بممارسة الشعائر الدينية المختلفة، استطلعنا آراءهم حول شهر رمضان في الصين بشكل سريع دون معرفة أسماء المستطلعين فكانت النتيجة التالية:

“نحن كباقي المسلمين. لا نختلف عنكم بشيء سوى ربما بأنواع المأكولات على طاولة الطعام”. “أنتم العرب تأكلون الحلويات بكثرة في هذا الشهر ونحن نأكل الفواكه بكثرة وبالأخص البطيخ”. “شهر رمضان مميز في الصين لأننا نجتمع بكثرة مما يخلق أجواء من الألفة والرحمة نفتقدها في باقي أيام السنة لأن الحياة أصبحت عملية ولا وقت لدينا لممارسة العبادة بشكل منتظم”. “صوم رمضان هنا يبدأ منذ مراحل العمر الأولى، تلتزم الأنثى بأداء الصيام في التاسعة من العمر، والذكر في سن الثانية عشرة، ومن لا يطبق ذلك يعاقب بأشكال مختلفة”.

رمضان للجميع:

الصيني غير المسلم يشارك المسلمين في أغلب الأحيان عادات وتقاليد رمضان. فتجد بعض الجيران يشاركون المسلمين موائد الإفطار. ويزداد تقديم الأطعمة وتبادلها بين المسلم الصائم والجيران غير المسلمين، على شكل أطباق مختلفة من الحلويات والأسماك والثمار البحرية، والخضار المسلوقة.

أستاذ الثقافة العربية والإسلامية في جامعة بكين، جنواكي باوين سنياوو، تحدث لرصيف22 عن مشاهداته الخاصة برمضان وقال: “في هذا الشهر، وبرغم أنّي غير مسلم، أتواصل مع المسلمين في عدد من المساجد، وما يلفتني هو أن هناك عدداً كبيراً من غير المسلمين يشاركون المسلمين في عاداتهم وتقاليدهم وشعائرهم الدينية، وهناك من يصوم كالصائم المسلم والسبب في ذلك بحسب وجهة نظري هو الإرث التاريخي لمعنى الجوع لدى الشعب الصيني كله”.

وشرح سنياوو قصده: “تعرضت الصين ما بين عامي 1958 و1961 لأبشع أشكال المجاعات على مدار التاريخ. يصف الفلاحون تلك الفترة بـ”السنوات الثلاث المرة”. كان مجمل وفيات المجاعة مع الأخذ بعين الاعتبار عدم وجود رقم دقيق هو 45 مليون نسمة. لهذا تجد أن الصينيين يتضامنون في هذا الشهر رغم عدم معرفة الأجيال الجديدة بما أقوله الآن”.

البطيخ والشاي:

مائدة الطعام الصينية الشهيرة مصممة بشكل دائري ومتحركة. تتنوع أصناف الطعام المعروضة عليها في بيت المسلم الصيني لكن بكميات محدودة لا تفيض عن حاجة الصائمين. يتم تناول الشاي الأخضر أو الأحمر المليء بالسكر كأول خطوة في الإفطار وبعدها يتم تناول البطيخ، ثم وجبة الإفطار بعد أداء صلاة المغرب.

أغلب الأطباق تعتمد بشكل أساسي على الأرز المسلوق من خلال عملية التبخير، لهذا تجد أنواعاً كثيرة من الأطباق المرافقة للأرز. أما بالنسبة للحلويات والمشروبات فتعتمد أغلب الحلويات على التمر والفواكه الاستوائية التي لا نجدها في أغلب الأحيان في أسواقنا العربية مثل: دوريان، النجمة، الكيوانو ، مانغوستين، الرامبوتان، سالاك.

العالم الإسلامي غائب عن الصين:

وقال حسّان: “في رمضان من كل عام يأتي إلى جامع نوجي قارئ قرآن من جمهورية مصر العربية. إذ يرسل الأزهر الشريف عدداً من المقرئين والخطباء ونقوم بتوزيعهم على المدن والأحياء المسلمة، وهذا شيء يسرّ المسلم الصيني ويُشعره بالتواصل مع إخوانه المسلمين في العالم، إلا أن هذا لا يكفي. على الدول الإسلامية التواصل معنا بشكل أكبر وهذا ما نحن بحاجة إليه”.

وعن الصعوبات التي يواجهها المسلم الصيني في شهر رمضان أو بشكل عام قال: “المسلمون الصينيون بتزايد مستمر ويشكلون نسبة ملحوظة كدين سماوي في الصين. وبالرغم من ذلك لا يوجد لدينا وسائل إعلام مرئي أو مسموع أو حتى صحيفة يومية. لا يوجد لدينا سوى بعض المجلات الإسلامية التي تصدر بشكل شهري، مثل مجلة أخبار المسلمين “مسلم بونشونغ” وهي الأكثر انتشاراً بين المسلمين الصينيين وتوزع نحو مليوني نسخة شهرياً تقريباً، ومثل مجلة الفتح، ومجلة المسلمين”.

اقرأ أيضا

طوب وفلوب: المغرب يعزز علاقاته مع الصين وحساب جديد يفضح المشاهير

في هذا الفيديو ضمن فقرة "طوب وفلوب"، نرصد حدثين بارزين خلال الأسبوع الذي نودعه، الأول يهم علاقات المغرب والصين، والثاني يتعلق بحساب جديد على وسائل التواصل الاجتماعي يستهدف المشاهير.

فاعلة صينية: المغرب قطب مميز لتوسيع صناعة الألعاب الإلكترونية نحو الأسواق الإفريقية

أكدت نائبة رئيس مجموعة "سانتري هواتونغ" الصينية، صوفي زهونغ، أمس السبت بالرباط، أن المغرب يعتبر قطبا مميزا لتوسيع صناعة الألعاب الإلكترونية نحو الأسواق الإفريقية.

سفارة المغرب ببكين تضع رقما هاتفيا رهن إشارة الجالية

وضعت سفارة المغرب ببكين، رقما هاتفيا رهن اشارة أعضاء الجالية المغربية المقيمة بالصين.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *