يحلو لنور الدين عيوش،الناشط الجمعوي،ورجل الإشهار المعروف أن يكون دائما تحت مساقط الضوء،بمعنى أنه يسعى لكي يكون دائما في الواجهة،مستفيدا من خبرته في مجال التواصل.
ذات مرة،دخل عيوش في مشروع أطلق عليه “انتخابات 2007دابا” بدعوى تحفيز الشباب المغربي على التصالح مع السياسة والمشاركة بكثافة في الاستحقاقات التشريعية،في تلك السنة، في حملة خصصت لها اعتمادات مالية مهمة،لكن النتيجة لم تكن في مستوى الوعود.
وبالأمس القريب،خاض حملة أخرى،مزالت أصداؤها ترن في الذاكرة، من أجل فرض الدارجة لغة للتدريس ضمن منظومة التربية والتعليم،لكنه وجد آنذاك من يتصدى له، ويقنعه بالحجة والبرهان أن فكرته خاطئة تماما، وفي غير محلها،ولا تستند على اي أساس علمي أومنهجي.
ورغم كل مظاهر الاستنكار التي قوبلت بها كل تحركاته،منذ “مذكرة إصلاح التعليم” من أجل اعتماد الدارجة عوض اللغة العربية الفصحى، فهو لايكل ولايمل،ولا يدخر وسعا في سبيل فرض اختياره،في المقررات التعليمية،وكأنه يتحدى الجميع.
ولاشك أن الكثيرين مازالوا يتذكرون تلك المواجهة التلفزيونية على شاشة القناة الثانية،سنة 2013،التي جمعت بينه، وبين مؤرخ ومفكر من عيار ثقيل له مكانته الاعتبارية هو عبد الله العروي،الذي كان حازما وصارما، وهو يثبت للجميع،أن هذا المجال يهم المختصين والباحثين الأكاديميين ورجال التربية والتعليم، وليس متاحا لأي واحد، خاصة إذا كان يفتقر إلى الأدوات والمفاتيح العلمية الضرورية.
مرة أخرى،خلق عيوش الحدث بإخراجه مؤخرا لحيز الوجود لقاموس لغوي خاص بالدارجة المغربية،قيل إنه ثمرة أربع سنوات من الجهد والعمل، من طرف فريق من الأساتذة،لكنه أثار جدلا ربما لم يسبق لأي إصدار جديد أن فجره في تاريخ المغرب المعاصر،على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي خضم هذه الزوبعة من الغبار التي فجرها القاموس اللغوي للدارجة، في ” الفايسبوك” وعند رسامي الكاريكاتير،ذهب البعض من رواد الفضاء الأزرق إلى حد وصفه بأنه مسيء للغة التداول اليومي،مستدلا على ذلك ببعض الكلمات السوقية الخادشة للحياء.
ولا يمكن لأي مطلع على محتويات هذا القاموس اللغوي العجيب، سوى أن يتفق مع كل ما قاله كل الذين انتقدوه بحدة،اعتبارا لما ورد فيه من مفردات وتعبيرات يخجل المرء أن يتفوه بها أمام أي واحد من أفراد أسرته،فبالأحرى أن تكون محل تدريس وتداول وسط الناشئة.
في هذا القاموس اللغوي تعسف واضح على الدارجة المغربية،في أسوإ استعمالاتها،ولا أحد يعرف سر سكوت الجهات الرسمية التي يعنيها أمر الحفاظ على إحدى مكونات الهوية الوطنية من أن تطالها يد العبث،وتقدمها في أسوأ تقديم،مثلما حدث للدارجة على يد عيوش.
عبد الإله بنكيران،وقبل أن تدخله مفاوضات تشكيل الحكومة في متاهات المجهول،سبق له خلال مشاركته في ندوة حول إصلاح التعليم،بالرباط،في يوم 15 ماي ماي 2014،أن نعت عيوش،تلميحا لاتصريحا، أي دون ذكره بالإسم، بأنه “تاجر وليس عالما حتى يخوض في امور تتطلب دراية ومعرفة علمية دقيقة”!