عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، باتت في حكم المؤكد، والمسألة مسألة وقت فقط..وهذه ليست نبؤة عراف أو منجم، ولا توقعات “قارئة الورق” في ساحة جامع الفناء بالمدينة الحمراء، ولكنها حقيقة سوف تتحول إلى واقع ملموس في الأفق الزمني القريب.
هكذا،سوف يرفرف العلم المغربي ثاني مرة في سماء أديس أبابا، عاصمة اثيوبيا، إلى جانب أعلام الدول الإفريقية، فوق مقر الاتحاد الإفريقي، معلنا عودته إلى البيت الإفريقي،بدعم من أصدقائه في القارة السمراء، التي طالما عبرت عن تطلعها لليوم الذي تشرق فيه شمس الرباط،بجانب بقية شموس العواصم السياسية في هذا المنتدى الإفريقي.
وكانت الزيارة الملكية لهذا البلد، هي المرة الأولى التي تلألأت فيها النجمة الخضراء وسط الراية الحمراء في فضاء هذا البلد الإفريقي،بعد غياب عنه، وبالضبط منذ سنة 1984،عقب انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية،كشكل احتجاجي على قبولها لكيان وهمي،هو البوليساريو، علما أن الرباط من بين مؤسسيها وروادها الأوائل.
وحسنا فعل المغرب بنهجه لدبلوماسية جديدة فاعلة ومتحركة،وقد بدأ فعلا في جني ثمارها، بدليل أن العديد من الدول الإفريقية سحبت اعترافها ب”الجمهورية الصحراوية” الوهمية، بعد أن اكتشفت الحقيقة،كما هي،تاريخيا وجغرافيا.
ورغم أنف خصوم وحدة المغرب الترابية، الذين يتضايقون من تزايد حجم حضوره في غرب إفريقيا،ووسطها وشرقها،بإشعاعه وحضارته،فإنه عائد بقوة،لاستعادة مقعده،في الاتحاد الإفريقي، والإسهام إلى جانب بقية الأقطار في الدفاع عن حق القارة السمراء في ارتقاء مدارج الرقي والنماء والتطور،عبر تعزيز التعاون جنوب ـ جنوب.
وكانت أولى الإرهاصات لعودة المغرب إلى الحضن الإفريقي هي تلك المبادرة التي أقدمت عليها الدول الإفريقية المشاركة في قمة المناخ، في مدينة مراكش، بالطلب من الملك محمد السادس،ورئيس الاتحاد الإفريقي،بمواكبة التدابير ذات الأسبقية،بشأن مواجهة التحول المناخي ودعم مجهودات التنمية المستدامة.
يومها انبرى الملك محمد السادس،ليقول بكل صدق وثقة ومسؤولية:إن “المملكة المغربية فاعل ملتزم بدعم الأمن والاستقرار الإقليميين، ومن هذا المنطلق فهي عازمة على تعزيز مساهمتها من أجل الدفاع عن المصالح الحيوية للقارة إلى جانب البلدان الشقيقة،وقريبا من داخل الاتحاد الإفريقي.”
وكما يدرك الجميع،فإن الطريق إلى العودة إلى البيت الإفريقي ليست مفروشة بالورود، والمعركة ليست سهلة في مواجهة ما يتم نسجه من مناورات في الدهاليز، تكتسي في ظاهرها الطابع القانوني،من خلال التلويح ببعض المساطر من طرف مفوضية الاتحاد الافريقي، مدفوعة من طرف خصوم قضية الصحراء، لكنها في عمقها تنطوي على مخططات خسيسة، سوف يعرف المغرب كيف ينسفها ويتغلب عليها، ويكسب هذا التحدي بحنكته ومشروعية طلبه، وفاعلية تحركه على الخريطة الإفريقية من خلال الجولات الملكية.
يذكر أن الرئيس التشادي إدريس ديبي إيتنو،رئيس القمة ال27 للاتحاد الإفريقي، التي انعقدت في كيغالي، العاصمة الرواندية، سبق له أن قال بمنتهى الوضوح:”إن المغرب بلد إفريقي لديه الحق في العودة إلى الاتحاد الإفريقي”،مضيفا بالحرف:”إذا كان المغرب يرغب في العودة، فلا أحد يمكنه رفض ذلك”. انتهى الكلام.