الرئيسية / إضاءات / شبح الموت يهددهن .. من يضع حدا لمعاناة النساء الحوامل في إيملشيل ؟
إيملشيل

شبح الموت يهددهن .. من يضع حدا لمعاناة النساء الحوامل في إيملشيل ؟

الأمهات هن منبع الحياة،ولكنهن في المنطقة النائية  إيملشيل التابعة لإقليم ميدلت، يتعرضن للتهديد بالموت وهن  يجتزن طريقا طويلة مليئة بالمصاعب،محفوفة بالمتاعب، نحو مستشفى  يبعد عن مسكنهن،بالعديد من الكيلومترات، تحت رحمة تحولات طقس مزاجي لايرحم وضعهن الصحي الناتج عن المخاض العسير للولادة.

هؤلاء النسوة ينتمين للمغرب العميق،البعيد عن المركز،ولذلك فإن معاناتهن تتضاعف باستمرار،دون أن تجدن من يرأف لحالهن من أولئك الممسكين بمقاليد الأمور  الصحية،وبعضهن يلفظن أنفاسهن في العراء،كلما داهمن المخاض،تحت قطرات المطر،أو ندف الثلج بين المسالك الوعرة.

في ظل هذا البرد القارس،كم من إمرأة حامل بدل أن يفرح أهلها بمولودها الجديد،يغمرهن الحزن على وفاتها، في الطريق،قبل أن تتمكن من الوصول إلى المستشفى الإقليمي مولاي علي الشريف  بمدينة الرشيدية، أو بمدينة فاس، خاصة أمام أزمة  وسائل النقل في هذه المنطقة، مما يدفع البعض منهن إلى استعمال وسائط بدائية كالدواب والعربات المجرورة وغيرها، للتنقل في ظروف صعبة وجد معقدة،لاسيما عند تساقط الأمطار،وتفاقم مستوى الصقيع، مثل هذه الأيام.

ليست هناك أية مبالغة في التعبير،بل إن الواقع يؤكد ذلك، ولعل أقرب مثال هو ماحدث مؤخرا لحامل ودعت هذه الدنيا الفانية بعد أن عجز المستوصف الصحي المفتقر إلى التجهيزات والموارد البشرية الكافية عن تقديم العون لها، في الوقت المناسب، رغم الاستنجاد بسيارة الإسعاف لنقلها إلى مستشفى مولاي على الشريف، الذي لم يستطع إنقاذها من الموت، رغم العملية القيصرية التي أجريت لها.

الحكايات الحزينة التي تروى في سفوح جبال  إيميلشيل  عن هذا المسلسل الطويل من الآلام كثيرة،ويصعب استعراضها في هذا الحيز الضيق،وكلها تؤكد ضرورة تحرك من بيدهم الحل والعقد، من اجل إنصاف هذه المنطقة قصد وضع حد لحالات الإقصاء والتهميش والهشاشة التي تعاني منها، على مستوى بنيتها التحتية.

ولطالما رفع السكان في منطقة إيملشيل  أصواتهم بالشكوى من الخطر  الصحي الذي يهدد النساء الحوامل، وهن في الطريق إلى المستشفى، البعيد عن محلات سكناهم، مطالبين فقط بتوفير مستشفى ميداني، يكون رهن إشارتهم  لإنقاذ أرواح زوجاتهن، لكن نداءاتهم ضاعت هباء منثورا، مثل صرخة في واد أو نفخة في رماد..

كل عام، وبالتحديد في مثل هذا الوقت الذي تحاصر فيه موجات الصقيع والبرد كل مظاهر الحياة، في إيملشيل، تتكرر هذه المعاناة لدى الساكنة الذين يجدون أنفسهم محاصرين،وشبه منعزلين،بفعل وعورة المسالك الطرقية تحت التساقطات المطرية.

ومن قلب هذا الواقع المؤلم انبثقت مؤخرا فكرة شن حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي،  “الفايسبوك”، يقوم بها رواد الفضاء الأزرق، للتعبير عن مساندتهم لهذه المنطقة،لتزويدها بكل المرافق الضرورية،تكريسا لحقها في الحياة، بعيدا عن شبح الموت الذي يهدد نساءها الحوامل.

وهناك دعوات من طرف بعض منظمات المجتمع المدني في المنطقة لتنظيم وقفات احتجاجية، دعما للسكان الذين لايطلبون أي شيء سوى تلبية حاجياتهم المتمثلة  في التجهيزات الأساسية ذات الطابع الاجتماعي كالصحة وغيرها.

فهل يستجيب المسؤولون للنداءات المنبعثة  من أعماق وسط جبال إملشيل؟