بعد مقاله الشهير عن الدعوة إلى المصالحة، والذي أسال الكثير من المداد، عاد الياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ليثير الجدل مجددا، بنشره لموضوع جديد حول مقارنة عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ورئيس الحكومة المعين، بالإمام أحمد بن حنبل.
وفي البداية لابد من توضيح الخلفية الكامنة وراء كتابة مقال إلياس العماري، فقد جاءت تعليقا على كلمة أدلى بها بنكيران، مؤخرا، خلال اعتكافه في بيته، بحي الليمون، وسط مدينة الرباط، وتحدث فيها، لشبيبة حزبه،حسب شريط فيديو، عن ” المحنة” التي يجتازها، بسبب المأزق الذي توجد فيه المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة، جراء بعض المصاعب التي انتصبت فجأة في وجه تكوينها.
العماري، اتهم بنكيران باستغلاله ل”نبرة القول الديني”للترويج لخطابه السياسي” في ظل “ظرفية لا يحتاج العاقل إلى كثير من الجهد لرفع الحجب على مراميها”، في تلميح إلى المفاوضات الجارية بشأن بناء مكونات الأغلبية.
وقال العماري إن”محنة بن حنبل حقيقية، لكن التهويل الايديولوجي والسياسي منها، كان بفعل إصرار الحنابلة، على مر التاريخ، على توجيه تهمة التنكيل بالإمام أحمد إلى المعتزلة الذين يقولون بخلق القرآن وينفون قدمه، وكأن قصة المحنة دبرتها الفرقة التي كانت تدافع عن العقل، ونفذها عنها نيابة المأمون والمعتصم والواثق”.
وفي رأي زعيم حزب ” الجرار”، فإن هدف بنكيران من وراء وصف حالته ب”المحنة”، هو التذكير ب“شخصية الإمام أحمد بن حنبل، الذي تعرض للسجن والتعذيب، في ضوء ما بات يعرف بقضية “خلق القرآن”.
ولم يفت العماري، وهو يكتب مقاله،أن يدعو الباحثين والمحللين، إلى تحمل مسؤوليتهم في الكشف “عن الخلفيات السياسية والبراغماتية والظرفية التي جعلت عبد الإله بنكيران” يلجأ إلى استحضار وضع الإمام أحمد بن حنبل،وإسقاطه على نفسه.
المقال الجديد لإلياس العماري، خلف عددا من ردود الفعل، وسط بعض المحللين والمهتمين بالفكر الإسلامي، ومن بينهم ادريس الكنبوري، وهو كاتب وباحث أكاديمي ، ومن مؤلفاته “سلفي فرنسي في المغرب”،و”الإسلاميون بين الدين والسلطة .. مكر التاريخ وتيه السياسة”.
فقد اعتبر الكنبوري أن مقال إلياس العماري الذي قارن فيه بنكيران بالإمام أحمد بن حنبل، فيه مبالغة كبيرة جدا، مضيفا بأسلوب ينم عن الاستغراب، أنه لايدري كيف سقطت الفكرة على رأس الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أو من أوحى له بذلك.
وكتب الكنبوري في تدوينة له على حائطه الفايسبوكي، أن تلك المقارنة تعطي لبنكيران صورة مضخمة لا تليق به بالطبع، مشيرا إلى أن الرجل يمارس السياسة لا الدين، وإن كانت مفرداته يستقيها من الدين، وهو رئيس حزب بينما أحمد بن حنبل كان إماما في الأمة.
وأوضح أن ما ورد في المقال عن المعتزلة والحنابلة غير صحيح، فقد مارس المعتزلة الاستبداد السياسي مدعومين من السلطة ضد الحنابلة، وابن حنبل لم يكن إلا واحدا من الذين طالهم عسف السلطة، لأنه كان هناك المئات من العلماء والآلاف من المواطنين.
وختم الكنبوري تدوينته بالإشادة بانفتاح السياسيين قليلا على التاريخ، “ولكن شرط أن لا يسقطوا الحوادث على أوضاع مختلفة، ويضيعوا التاريخ باسم السياسة كما ضيع الإسلاميون الدين باسم السياسة.”!