بمجرد أن أنهى الملك محمد السادس أنشطته بقمة المناخ كوب 22 التي انعقدت بمدينة مراكش، غادر العاهل المغربي أرض الوطن صحبة وفد رفيع المستوى صوب أعماق إفريقيا الشرقية، لإكمال جولته في هذه النقطة من القارة السمراء، والتي ستقوده هذه المرة إلى إثيوبيا ومدغشقر وكينيا ونيجيريا. هذه الجولة التاريخية، تسعى من خلالها المملكة تعزيز التجذر الإفريقي للمغرب، عبر زيارة هذه البلدان، ليتم بذلك طي المسافات الجغرافية، وتحدي عائق اللغة.
فبعد الزيارة الناجحة التي قام بها الملك محمد السادس لإثيوبيا أول أمس الجمعة، وما تضمنته من مشاريع استراتيجية واتفاقيات بين القطاعين العامين في البلدين، ناهيك عن الشراكات الهامة بين الفاعلين الخواص فيهما، حل الملك محمد السادس، مساء أمس السبت، بأتاناناريفو بجمهورية مدغشقر. زيارة تحمل أبعادا وجدانية، وقد تكون مناسبة من أجل زيارة الأماكن التي عاش فيها جده الملك الراحل محمد الخامس، ووالده الملك الراحل الحسن الثاني، حين نفاهما المستعمر الفرنسي.
“هذه الجولة تأتي في سياق خاص يتميز بقرار المغرب في العودة إلى مكانه الطبيعي في الاتحاد الإفريقي”. يقول محمد الفتوحي أستاذ باحث في العلوم السياسية في تصريح لـ مشاهد24، والذي أردف قائلا: إن هذه الجولة “ستفسح المجال لهذا الجزء من القارة للاستفادة من تجربة وخبرة المغرب في شتى الميادين وفي مقدتها المجال الاقتصادي”، مبرزا أن أسماء رجال الأعمال ورؤساء المقاولات الذين يرافقون العاهل المغربي في هذه الجولة “يعتبر مؤشرا قويا على الأهمية التي يتم إيلاؤها للاستثمار في هذه البلدان والنهوض بنسيجها الاقتصادي”.
وفي اعتقاد المتحدث ذاته، فإن المغرب من خلال هذه الجولات المكثفة صوب إفريقيا الشرقية، “يريد أن يستدرك الوقت بعدما كان يركز على مستوى القارة السمراء في علاقاته الاقتصادية والسياسية والثقافية على بلدان إفريقيا جنوب الصحراء والغرب الإفريقي، وهو الشيء الذي استغله أعداء الوطن في السابق”.
وأبرز الفتوحي، أن المغرب يواجه عددا من التحديات في إفريقيا الشرقية، خاصة فيما يرتبط باعتراف مجموعة من الدول في هذه النقطة من القارة السمراء، بـ “دولة الوهم” (البوليساريو)، وهو الشيء الذي جعل الملك محمد السادس، يدعو هذه الدول خلال رسالته الموجهة إلى القمة الإفريقية الأخيرة بكيغالي، إلى ضرورة تصحيح الخطأ التاريخي وسحب اعترافهم بكيان وهمي، و”على ما يبدو فإن توغل المغرب بقوة في إفريقيا الشرقية بمشاريعه واتفاقياته الضخمة، سينسف البوليساريو ومن يقف خلفها ولن تجد الدول التي لا زالت تعترف بها أي جدوى وهي ترى المملكة المغربية تمد يدها لتطوير إفريقيا”.
وأوضح المحلل السياسي، أن المغرب لديه نموذج جذاب لتصديره إلى شرق إفريقيا، مشيرا إلى أن هذا النموذج هو “قوة اقتصادية صاعدة قادرة على تجاوز المعيقات، وخلق نسيج صناعي ومالي، وأيضا تصدير إسلام معتدل قائم على التسامح”.