بعد تكليف وزير التنمية المحلية في حكومة الحبيب الصيد، يوسف الشاهد، من قبل رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي بتشكيل الحكومة المقبلة برز التساؤل إلى السطح حول ما إذا كان هذا التعيين عودة إلى مربع الصفر في بلد لم تصمد فيه أي حكومة خلال الخمس سنوات التي أعقبت ثورتها ضد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وبحسب ما كتب موقع Kapitalis الناطق بالفرنسية، فإن رئيس الجمهورية تحرك بسرعة من أجل تعيين يوسف الشاهد بعد أن طرح اسمه في البداية، في الوقت الذي كانت فيه بعض أحزاب المعارضة، ممن شاركت في مبادرة رئيس الجمهورية الداعية لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ترغب في أن يتم تحديد “بروفايل” رئيس الحكومة المقبل واقتراح الأشخاص الذين يمكن أن يشغلوا المنصب.
بدلا من ذلك، عين الرئيس الباجي قايد السبسي يوسف الشاهد معتمدا على الأغلبية البرلمانية “من دون فسح المجال أمام تشاور وتوافق حقيقي” بغية تكوين “الحكومة التي يرغب فيها”.
تعيين الشاهد يبدو أن خلق الانقسام داخل الطبقة السياسية التونسية والمنابر الإعلامية.
فمن جهة، يعتبر المدافعون عن خطوة رئيس الجمهورية بالقول إن تحرك السبسي جيد لأنه يعفي البلاد من ضياع وقت سياسي لا تحتمله تونس، خاصة وأن المطالبة بتشكيل حكومة وحدة ما جاء إلا لإخراج البلاد من أزمتها وتجاوز أعطاب حكومة الحبيب الصيد.
ويرى المدافعون عن هذا الطرح أن بعض المطالب التي عرضتها الطبقة السياسية أو جزء منها، بخصوص شخص رئيس الحكومة الذي سيخلف الصيد، لا بد أن تتوفر فيه مجموعة شروط من بينها عدم كونه متحزبا، وهي أمور تعجيزية حسب هؤلاء، وقد تحول دون الوصول إلى توافق حول رئيس حكومة يقود البلاد في هذه المرحلة.
كما أن كون يوسف الشاهد قيادي في حزب “نداء تونس” لا ينبغي أن يعتبر حسب هؤلاء مشكلة، لأن الرئيس أعاد الأمور إلى نصابها من خلال اختيار رئيس حكومة من الحزب الذي تصدر الانتخابات البرلمانية في 2014. هذا الرأي يتعارض مع ذلك مع المعطيات الحالية التي يتصدر من خلالها حزب حركة “النهضة” المرتبة الأولى في البرلمان بعد الشرخ الذي أصاب “نداء تونس” عقب انسحاب عدده من نوابه البرلمانيين وقياداته لتشكيل حركة “مشروع تونس”.
بالمقابل، يعتقد المعارضون للخطوات التي أقدم عليها الرئيس السبسي أن الأخير أراد تمرير مشروعه لتشكيل حكومة على المقاس من خلال اللعب على وتر المصلحة الوطنية وتمرير مشروعه بطريقة “ديمقراطية” من خلال إشراك الأحزاب في الإطاحة بحكومة الصيد قبل أن يفاجئ الرأي العام بتعيين مقرب منه على رأس الحكومة.
تعيين الشاهد على رأس الحكومة فاجأ بالخصوص أحزاب مثل “المسار” و”الجمهوري” التي عبرت عن اختيار الرئيس السبسي، وهي التي كانت ترغب في تعيين رئيس حكومة مستقل وتوافقي وذو خبرة بخلاف يوسف الشاهد البالغ من العمر 41 عاما.
بالإضافة إلى الجدل الدائر حول تعيين يوسف الشاهد لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في تونس والأسباب الحقيقية لمبادرة الرئيس السبسي برمتها، تبقى المخاوف على مستقبل تونس واستقرارها مع توالي الحكومات، ما يطرح علامات استفهام حول مدى قدرة البلاد على تجاوز مرحلة ما بعد الثورة بسلام.
فهل يمكن القول أن حكومة الشاهد تشكل عودة إلى مربع الصفر في تونس، أم أنها قد تكون بداية خروج للبلاد من أزمتها بفضل رئيس حكومة شاب وعد تشبيب طاقمه الحكومي.
الأكيد أن الأيام وحدها كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل بخصوص مستقبل بلد يصارع ليظل حقا أنجح تجربة في ما سماه الأوروبيون “الربيع العربي”.