في مقال بموقع أسبوعية Moscow Times الروسية بعنوان: “ماذا يعني الانقلاب التركي لروسيا؟”، كتب فيدور لوكيانوف قائلا إن الاضطرابات التي شهدها الشرق الأوسط في ما يسمى الربيع العربي كان لها انعكاس على تركيا.
فخلال الخمس سنوات الأخيرة، دخلت أنقرة في صراع مع شركائها الرئيسيين في المنطقة، وتدخلت في الحرب الدائرة سوريا، وواجهت تصعيدا كرديا وتراجعا في اقتصادها الذي كان يتمتع بنمو باهر.
ويعتقد لوكيانوف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ربما اكتشف أن بلاده تسير إلى نفق مسدود، وهو ما دفعه إلى المسارعة إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكنه كان بحاجة إلى مبرر أكبر لإخراج تركيا من المأزق التي قادها إليها، حيث جاءت المحاولة الانقلابية الفاشلة بمثابة هدية إلى الرئيس التركي.
الانقلاب التركي الفاشل كان بمثابة انتخاب جديد لأردوغان، سمح له بالتغطية على خيباته السابقة ومنحه “كارت بلانش” ليقوم بما فشل في القيام به منذ انتخابات يونيو 2015، يقول الكاتب، خصوصا تغيير الدستور لجعل النظام السياسي في البلاد رئاسيا وتطهير أجهزة الدول من الموظفين غير المرغوب فيهم أو غير الموالين للرئيس.
أما بخصوص تأثير الانقلاب التركي الفاشل على توجهات السياسة الخارجية لأنقرة، حيث توقع فيدور لوكيانوف أن تتوتر العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة بشأن فتح الله غولن، زعيم الحركة الإسلامية المتهمة بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية، والذي يعيش في أمريكا.
على مستوى آخر، ستكون العودة إلى عقوبة الإعدام في تركيا بمثابة ضربة قاضية لطموحاتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والدخول في نظام الإعفاء من التأشير في علاقتها بأوروبا.
وفي ما يخص العلاقة مع الشرق الأوسط، يعتقد الكاتب أن أنقرة قد تأخذ مسافة مع المنطقة التي كان أردوغان ورفاقه يطمحون لإعادة إحياء تقاليد الإمبراطورية العثمانية. من جانب آخر، يبدو أن الرئيس التركي وعى بأن البحث عن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد رهان خاسر.
هذا ما يجعل أنه من الممكن أن يعيد رجب طيب أردوغان توجه دفة السياسة الخارجية لبلاده نحو منطقة أوراسيا وإعادة العلاقات الجيدة مع روسيا، خاصة وأن البلدين، برغم اختلافاتهما وصراعاتهما أحيانا، بينهم قاسم مشترك وهو أنهما مرتبطان تاريخيا وجغرافيا وثقافيا بأوروبا التي ترفضهما.