يسابق الاتحاد الاشتراكي الزمن من أجل أن يضمن موقع قدم في التشكيلة الحكومية المقبلة، التي يجري عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، المشاورات حاليا من أجل تكوينها مع عدد من الأحزاب المغربية، بعضها أعلن موافقته، مثل حزب الاستقلال والتقدم والاشتراكية، وبعضها مازال مرهونا بعامل الزمن، في انتظار عقد مؤتمره الاستثنائي يوم 29 أكتوبر الجاري، مثل حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي قرر استبدال القيادة.
بالنسبة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تبدو الطريق سالكة نحو الالتحاق بفريق العمل الحكومي إلى جانب عبد الإله بنكيران، لإعادة الحياة إلى حزب سبق له أن قاد تجربة التناوب الحكومي، قبل أن يجد نفسه فيما بعد، أسير بعض المشاكل التنظيمية التي مازال يعاني منها، رغم كل الجهود التي بذلت من أجل رأب الصدع الذي أصاب البيت الداخلي لحزب المهدي بنبركة، الذي تحل قريبا الذكرى السنوية لاختطافه في باريس.
الاتحاد الاشتراكي، وفي آخر اجتماع لمكتبه السياسي، ثمن اللقاء التشاوري الذي جمع بين إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الوردة، وزعيم حزب المصباح المكلف بتكوين رئيس الحكومة، معبرا عن “وعيه التام، بحجم التساؤلات المطروحة من طرف مناضلاته ومناضليه، ومن طرف الرأي العام، حول آفاق العمل السياسي، لحماية الديمقراطية والمؤسسات.”
رفاق لشكر في حزب لاتحاد الاشتراكي المتموقع حاليا في المعارضة، يرون أن “الأولوية التي ينبغي أن تحظى بها مشاورات تشكيل الحكومة، مع باقي الأحزاب، يجب أن تنبني على البرامج والمواقف والمشاريع، بهدف تحصين الاختيار الديمقراطي، والتفعيل الأمثل للدستور، والاستجابة لمطالب الجماهير الشعبية وطموحاتها”.
وفي تلميح إلى نتائج 7 أكتوبر، والتي أعطت الصدارة لحزب العدالة والتنمية، متبوعا بخصمه السياسي حزب الأصالة والمعاصرة، نبه الاتحاد الاشتراكي، في البلاغ الصادر عن اجتماع مكتبه السياسي، إلى “أن الاختلال الذي حصل في المشهد السياسي و الخريطة الحزبية، والذي كرس قطبية مصطنعة، لا تعكس الواقع السوسيولوجي بالبلاد، نتيجة التحولات الحاصلة في الكتلة الناخبة، وبالتحديد في الطبقات الوسطى، التي تتجه أكثر نحو العزوف عن التصويت، يتطلب إصلاحا في المنظومة الإنتخابية كجزء من الإصلاح السياسي الشامل.”
وكأنما يريد تبرئة نفسه من أي التباس يمكن أن يتولد عن مبادرته الأخيرة، أوضح المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الدافع الرئيسي وراء رفع مذكرة إلى الملك محمد السادس، تتضمن مقترحات حول إصلاح النظام الانتخابي، وحول كل ما يتعلق بتطوير الإطار القانوني والمؤسساتي، كان هو “حرص الاتحاد الاشتراكي على التعددية وعلى الاختيار الديمقراطي”، حسب تعبير البلاغ.
والخلاصة التي يؤكد عليها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في انتظار مغادرة موقع المعارضة والالتحاق بالفريق الحكومي المقبل، هربا من السقوط في دائرة التفتت،هي أنه “ينطلق في مختلف اختياراته من متطلبات البناء الديمقراطي، ولا يمكنه إلا أن ينحاز للصف الوطني الديمقراطي، لخدمة الجماهير الشعبية، سواء في النضال من أجل احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان أو تحقيق العدالة الإجتماعية والكرامة والمساواة، عبر إصلاحات شاملة، كما يعتبر أن هذه المبادئ ستظل، دائما، البوصلة التي تحكم توجهاته ونضاله”.
ولعل الملاحظة الرئيسية التي يمكن أن يخرج بها أي متتبع لتطور الشأن السياسي في المملكة، هي أن هناك تغييرا ملحوظا في أسلوب الخطاب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سواء في مواقفه إزاء حزب العدالة والتنمية، أو نحو زعيمه عبد الإله بنكيران، الذي طالما كان محل اتهامات وتهجمات من طرف قيادة حزب الوردة، قبل أن تنقلب كل الموازين لديه، ويسرع لشكر ولحبيب المالكي الخطى نحو حي الليمون بمدينة الرباط، توددا لبكيران وطلبا ليد الحكومة، إن جاز التعبير.